كان شهيد يقف بعطارته يعمل، ولكن لأول مرة بملامح ذلك الوجه الحزين، الذي كان يظهر عليه الضيق بشكلٍ كبير أثر ما حدث بالأمس، ليستمع إلى ضوضاء من الخارج، حتى خرج من عِطارته، ليجد لطيف يسير بشموخه وعجرفته وسط أهالي الكفر الذين يهللون ويصيحون بأسمه، وسط توقف شهيد ثابتاً يُراقب ما يفعلونه أهل الكفر بهدوء، ليُلاحظ لطيف الذي أقترب منه حتى توقف أمامه مُباشرةً، ليبتسم وهو يتحدث بنبرة هادئة:
-" كيفك يا عطار".
تنهد شهيد بعمق وهو يُطالعه بغضبٍ حاول تملكه، ليُجيب قائلاً بجمود:
-" بخير ".
مر لطيف من جانبه يدخل إلى العِطارة، حتى قام بسحب مقعد ليجلس عليه بعدما قام بوضع قدماً على الاخرى، ليُثبت نظره على شهيد وهو يقول بنبرة هادئة:
-" چرا إيه يا عطار، مش ناوي تضايفني".
كان شهيد يُطالعه بنظراته الهادئة مُحاولاً عدم الغضب من تصرفاته الذي أثارت إستفزازه، ليذهب من أمامه دون أن يُعقب وهو يُستغفر ربه بسره أن يهدأ، ليأتي إليه مرة أخرى بعد دقائق وهو يمسك بيده كوباً من الشاي، حتى قام بسحب مقعد ليضعه من أمامه، ثم قام بوضع الكوب عليه وهو مازال ينظر له، وسط نظرات لطيف له وهو يبتسم، ليتنهد شهيد بعمق وهو ينتظر منه الحديث، حتى أعتدل لطيف في جلسته، يقوم بإمساك كوب الشاي ليرتشف منه القليل، ثم قام بوضعه على المقعد مرة أخرى أثناء قوله بجدية:
-" مش عايز تچوزني بنتك ليه يا عطار".
رفع شهيد حاجبيه بإستنكار، ليتساءل بنبرة تشبه السخرية الذي حاول إخفاء غضبه بها:
-" هي الحاچة مقالتلكش".
تحدث لطيف وهو يجلس من أمامه بكبرياء قائلاً بعجرفة:
-" قالتلي، بس أنا رايد أسمع منك، يمكن تكون عمتي غلطانة".
صك شهيد على أسنانه وهو يُطالع بروده، ليتحدث شهيد قائلاً بنفاد صبر:
-" بنتي مش للچواز، مش عايز اچوز بنتي دلوقتي، لسة صغيرة".
ابتسم لطيف إبتسامة أثارت غيظه، ليتحدث قائلاً بنبرة ساخرة:
-" الصغيرة بكرة تكبر يا عطار".
تحدث في تلك اللحظة شهيد قائلاً بنبرة غاضبة بعدما تملك منه غضبه:
-" وأنا قولت اللي عندي، بنتي مش هتتچوزك".
نهض لطيف على الفور وهو يطالعه بغضب، ليقترب منه قليلاً ينظر داخل أعينه بتركيز، حتى تحدث قائلاً بنبرة هادئة للغاية:
-" أنت بتعصيني يا عطار".
لم يتحدث شهيد وهو يُطالع مظهره من أمامه بثباتٍ وتحدي، ليومىء لطيف برأسه قليلاً بتوعُد، حتى تركه ليتحرك من أمامه، ولكن قبل أن يخطي بقدميه لخارج العِطارة، ألتفت لينظر إلى شهيد قائلاً بنبرة مُتوعدة:
أنت تقرأ
كفر دُرغام.
Avventuraهُنا بكفر دُرغام، يوجد قوانين صارمة، منها عدم الخروج نهائياً من الكفر، فكُل من حاول، كان يلقى مصير بشع .. الرجال والشُبان يشنقُون ويعلقُون على بوابة الكفر، أما النساء والفتيات يلقون بهم في الجبل ويختفون للأبد، لم يعارض أهل البلدة ما يحدث، حتي كبروا...