أن قلبي مثقوب وأن في صدري شرخٌ واسع ، لذا حبي لكِ أكبر من أن يكون ضمنَ حدودٍ مساحةٍ مغلقة ، أعلمُ أيضاً أنكِ لا تُحبينني و أنني الضرُّ الذي أسمعكِ تناجينَ الله لبترهِ عند كل صلاةِ فجر و أنت ترددين (اللهم إني مسّني الضرُ و أنت أرحمُ الرحمين ).
أحببتكِ بروحٍ مبتورة ، بطفولةٍ لم أعِشُها ، بعينينِ أذاب بؤبؤهما لهيبُ الدمعُ سابقاً فقلبتُهما إلى الجهةِ الأخرى لأرى الحياةَ بشكلٍ جديد و صرتُ أنساناً بلا إنسانية .
كان كريم يتقصدُ الدخول إلى المنزلِ دون أن يشعُرَ بهِ أحد ،كان يحبُ أن يرى الجانبَ الآخر من ليلى ، ذاك الجانبُ البعيد كُلَّ البُعدِ عن خوفها منه كما أن صوتها المُرهفَ بالغناءِ كان يسحرُه .
وقفَ عند باب المطبخ كان يرتدي ثياب العمل و يُغطي وجههُ بغطاءٍ لا يظهرُ إلا فمه و عينيه هي المرةُ الأولى التي يبقيه على وجهه في المنزل، كانت تقومُ بأعمال التنظيف أخذت تملأُ الماء في وعاءٍ و هيَ تُغني:
ما في حدا لا تندهي ما في حدا
عتم و طريق و طير طاير عالهدى
بابن مسّكر و العشب غطى الدراج
شو قولكن ؟ شو قولكن ؟ صارووووا صدى؟؟
مع مين بدك ترجعي بعتم الطريق
لا شاعلة نارن و لا عندك رفبق.
ما إن التفتت و رأتهُ حتى انقطعَ صوتُها ، وو قع الوعاءُ من يدها على قدمِها ذُعراً ، جلست على الأرض من الألم ، و ما إن رأتهُ يقتربُ نحوها حتى غطت وجهها بيديها كي لا ترى ماذا سيفعل و هي ترددُ بصوتٍ مُتخامد ( أرجوك لن أكرر هذا ).
قرفصَ بالقربِ منها ، رفعَ عن وجههِ الغطاء ثُمَّ وضعَ يديهِ فوق يديها المُرتجفتين و أبعدهُما عن وجهها بلطف ( اهدأي لن أفعلَ شيئاً يؤذيكِ ، هل قدمكِ تؤلمكِ ؟).
-لا بأس سيذهبُ الألمُ بعد قليل.
لا زالت ترتجفُ من الرعب ساعدها بالنهوض ، كانت لديهِ رغبةٌ جامحةٌ أن يضمها إلى صدرهِ بقوة و يطبع قبلةً رقيقةً على جبينها لعلها تطمئنُ له ، لكنه لم يفعل ، لم يُرد أن يُظهرَ فجوةَ ضعفهِ علناً ، خشيَ إن علمت بها أن تجعلَ منها طريقاً تعبرُ خلاله فتتوسع و تزيدُ مساحةُ ذاك الرتقُ الذي يأبى أن يلتحم.
*****
أحملُكَ في قلبي على ظهر أمنية و أركض و أمشي و أزحف إلى أن أصلَ بكَ إلى الواقع الذي أُريد ، فالنصرُ أحياناً على بعدِ خطوةٍ من الاستسلام.
بعد أن توارت الدموع و هدأت موجات الحنين المتأججة أدركنا بأننا لم نعد نحنُ من كانت تحرقنا الكلمة و تخفقُ قلوبنا لنظرة ، نقلوا إلينا برودهم أصبحنا مثلهم صنديدين بأرواحٍ عاتية وعيونٍ صلبةٍ كالحجارة جافةٍ كالصحراء نحنُ من كُنا نشتهي لأنفسنا الحُزن كي يسعدوا أصبحنا نشتري سعادةَ من حولنا بإتعاسهم ، أدركَ يمان أنهُ رغمَ حبهِ لليلى لم تكُن هي المناسبة ، عاد من دُبي برفقةِ سحر ، ليُعرفها إلى و الديه ، دخلَ إلى المنزلِ حيثُ كانت أهازيجُ الفرحِ تعلو ، لقد دعى كُلَ أصدقائهِ و موظفي الشركة سراً ليحتفلا بقدومِ سحر معهُ ، أمام الجميع أخرجَ مِن جعبتهِ علبةً صغيرة تحوي محبساً ( هل تتزوجينني؟) ، داعبت الكلماتُ قلبها الذي زاد خفقانُه و تلألأ الفرحُ في عينيها ( أجل ).
ألبسها إياهُ ثُمَّ قبل يدها ، صفق الجميع ، لم تكن والدتهُ مسرورة بهذه العروس لكنها تبقى بالنسبةِ لها أفضلَ من ليلى و من عائلةٍ أرقى و أثرى تناسب مستواهم الاجتماعي.*****
أيقظوا أحلامكم كي لا تَبقَوا أرواحاً ميتةً على حافةِ الزمن ، أيقظوها من كوابيس الفشل ، عانقوا الوحدة التي اعترتها بعد انشقاقكم عنها ، رفقاً بخذلانها ، رفقاً ببؤسكم ، رافقوها مؤنسين كي تجعل للفرح طريقاً إلى قلوبكم.
أخرج الهاتف الذي سلبهُ من الرجل كانت الشريحةُ داخلهُ هي شريحة انترنت فقط حذف التطبيقات الخاصة بالرجل كالسكايب و غيرها ، فتحَ حسابهُ على الفيس بوك ، و دخلَ إلى الصفحةِ الخاصة بتولين أخذَ يتأمل صورها ( آه كم اشتقتكِ) ، لم تكن قد دخلت إلى حسابها منذُ مدةٍ طويلة و آخر ما قد نشرته ( لم يعُد لوقعِ لقائنا صوتٌ يُسمَع جفت على أفواهنا الضحكة و انطفأ في أعيننا البريق).
دخلَ إلى صفجةِ يمان ، أخذَ يرسلُ لهُ الرسائلَ للاطمئنان إلى حالِ و الدتهِ و تولين ، ثُمَّ أخذَ ينتظرُ رده بفارغ الصبر (آمل أن يوافق خالي على مساعدتي بأن أخرُجَ من هُنا ، يا رب سامحني على ما فعلت و أعطني القدرة و يسر أمري لأُصلحَ أخطائي) ،لكن بعض الأخطاء أعقدُ من أن تصلح و الأموات لا يعودون .*****
أنتِ الجانبُ المشرق و كلُ الجوانبِ قبلكِ ظلام ، قبلةُ القدرِ الضوئيةِ على حياتي الحالكة ،
مسحةُ الرحمةِ فوق أكداس أحلامي الميتة ، شيءٌ ما يهزُ بنظرتهِ قبوراً حفرتُها منذُ زمنٍ ويحاولُ إحياءَ رماد موتاها .
كانَ موعدُ الغداء علَى أزيزُ الحرب ، صواريخٌ كانت تسقطُ كالمطر ، أصوات تبادل الرصاص كانت تنخرُ في أذني ليلى ،كُسرت نافذةُ المطبخ من شدة الصوت ، جلست على الأرضِ واضعةً يديها على أُذنيها تصرخ وتبكي ( يكفففففييي ، يككككفييي ، أكرهُ هذا الصوت ، أكرهه ).
اقتربت منها ابتسام و دفعتها بيدها غاضبة ( ما بكِ ؟؟؟ ، أصمتي هل جُننتِ).
دخلَ كريم وقد تأهبَ بزيِّهِ للخروج( ما الذي يحدُث!!! !!!).
ابتسام ( لا بدَّ أن جاريتكَ قد أصابها ضربٌ من الجنون ).
-اذهبي إلى غُرفتكِ ، سأتفاهمُ أنا معها ، خاطبها بأسلوبٍ فظ.
مسحت ليلى دموعها ( لم أقصد لكني خفتُ عندما سقطَ زجاجُ النافذة ) ، ساعدها على النهوض ( أنا ذاهبٌ و ربما لا أعود ، إذا اشتد الأمرُ سوءاً و اضطررتما لمغادرة المنطقة ، لا تسلكي طريق الشمال في نهايتهِ قناصٌ للتنظيم ).
وضعَ كفَ يدهِ خلفَ رأسها والأخرى خلف ظهرها ، اقترب منها مقدارَ قُبلةٍ و عناق لكنهُ لم يفعل منذُ أن أحبها و هو يشعرُ أنها ليستْ من حقه ،ذهبَ مُغادراً المنزل ، جاءت ابتسام ( ألأ تشعرينَ أنهُ مهتمٌ بكِ ؟؟ هل يُحبكِ؟؟)
-بالتأكيدِ لا ، ربما يشفقُ عليّ.
-أمثالهُ لا يعرفون الشفقة ، آملُ أن تسقطَ عليهِ قذيفةٌ تقسمهُ إلى أشلاء ، يارب أرِحني منه و افرحني بخبرِ موتِه.
أنت تقرأ
الزيف "بدل مفقود"
Romanceأعلمُ أن قلبي مثقوب وأن في صدري شرخٌ واسع ، لذا حبي لكِ أكبر من أن يكون ضمنَ حدود مساحةٍ مغلقة ، أعلمُ أيضاً أنكِ لا تُحبينني... أحببتكِ بروحٍ مبتورة ، بطفولةٍ لم أعِشُها ، بعينينِ أذاب بؤبؤهما لهيبُ الدمعُ سابقاً فقلبتُهما إلى الجهةِ الأخرى لأرى ال...