موقف الدين من التطور

32 4 0
                                    

حوار مع صديقي الملحد.

قال صاحبي:
– موقفك اليوم سيكون صعباً، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا.. أمسك الخالق قطعة طين ثم عجنها في يده ونفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور التي تقول: إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة، وإنه ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلته من الحيوانات، وإنه والقرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد.. وإن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة.

قلت وأنا أستعد لمعركة علمية دسمة:
– دعني أصحح معلوماتك أولاً فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا.. ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم.. فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل وأطوار وزمن إلهي مديد، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرةً، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين:

«وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ (١٢)»

[المؤمنون: ١٢]

وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يُذكر:

«هَلْ أَتَىٰ عَلَى ٱلإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ ٱلدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئاً مَّذْكُوراً (١)»

[الإنسان: ١]

وأن خلقه جاء على أطوار:

«مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ للَّهِ وَقَاراً (١٣) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً (١٤)»

[نوح: ١٣– ١٤]

«وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ ٱسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ»

[الأعراف: ١١]

«إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢)»

[ص: ٧١– ٧٢]

معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير.. ثم التسوية ثم النفخ.. «وثم» بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين:

«إِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ»

[الحج: ٤٧]

انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة.. يقول الله سبحانه إنه:

حوار مع صديقي الملحد.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن