دخل ايوب البيت ثائرا ولكنه ما ان لاحظ وجود الطفل امامه حتي هدأ قليلا وابتسم كاشفا عن اسنان ناصعه البياض بينها سن واحده ذهبيه ، تساءل باندهاش بالغ:
-هل هذا هو ابنك؟!
-نعم - هز بحر رأسه - هذا ابني
مد ايوب يده الكبيره في ايماءة مصافحه فتقدم الطفل نحو اليد الممدوده في الهواء وحين صافحها شعر بأن يده سقطت في بئر عميقه مظلمه .. وعندما انتهت المصافحه وعاد لامه كان يتفحص يده في الطريق حتي يتاكد من انها مازالت في مكانها ، وانها لم تسقط في تلك البئر العميقه المظلمه ..
.
.
.
.
ما ان دخل الطفل للغرفه التي تجلس فيها والدته ، واصبح الجو في الخارج امنا بعض الشئ لتبادل الكلام ، حتي التفت بحر نحو صديقه ايوب وقال له باندفاع:
-ما الذي جاء بك الي هنا؟!
-انت من يجب عليه الاجابه عن هذا السؤال يا بحر - اجاب ايوب بحده ثم اضاف ، بعد ان اخفض صوته قليلا: لقد كسرت ميثاق الدم خاصتك بزيارتك المتهوره هذه ، هل تعلم ما الذي قد يفعله بك ناب الفيل وبعائلتك لو اكتشف الامر؟!
بوجه يملؤه القهر رد بحر:
-لقد مضت عشره اعوام لم اري فيها زوجتي ولا ابني ، ولم يعد في امكاني ان اصبر اكثر!!
-انت من اوقعت نفسك في هذه الورطه منذ البدايه - قال بلهجه مؤنبه - لقد نصحتك بان لا تتزوج هذه المرأه حتي لا تورطها معك في مشكلاتك ولكنك لا تصغي لاحد !!
-هل عرضت نفسك للخطر ولحقتني الي هنا حتي تعاتبني؟!
-لا بل جئت لانقذك وانقذ عائلتك من الدمار الذي قد يلحق بهم بسببك - ثم اضاف: انت يجب ان تغادر هذا البيت بسرعه!!
-لا لن اذهب الي اي مكان انا سأبقي هنا
-كف عن عناد الاطفال هذا يا بحر - قال بصوت خرج من تحت اسنانه ، ثم اردف متسائلا: هل ستكون سعيدا عندما يقوم ناب الفيل بقتل زوجتك وطفلك بعد ان يكتشف امر زيارتك هذه ؟!في الغرفه المجاوره كانت جومانا تجلس قرب النافذه تحاول استراق السمع لتلك المحادثه التي تدور بين زوجها وصديقه ايوب ، لكنها لم تتمكن من فهم كلمه واحده وذلك بسبب اصواتهما التي ترتفع تاره ، ثم تنخفض تاره اخري ..
.
.
.
.
ولوانعا واصلت استراقها للسمع لفتره اطول لربما كان هناك احتمال كبير في ان تفهم كل شئ .. غير ابنها الذي بدا متضايقا من وجود اغراب في البيت ، قرر فجأه ان يندفع الي خارج الغرفه ويضع حدا لوجودهما هناك ، من دون حتي ان يعطي لوالدته فرصه ايقافه :
-أنتما الاثنان - صات عليهما - انكما تسببان لنا الازعاج !!
صمت ايوب قليلا ، ثم قال معتذرا وهو ينهض:
-لم اقصد ازعاجكم في هذا الوقت المتأخر علي كل حال اتجه نحو الباب وقبل ان يغادر اوقفه بحر معتذرا:
-اسف كان يجب علي ان لا اشركك في هذا الامر منذ البدايه
-الاصدقاء ليسوا في حاجه للاعتذار يا صديقي - رد ايوب بكياسه ثم تابع: كنت اعلم سلفا بانني اعرض حياتي للخطر ، ومع هذا اخترت ان اقف معك
أدار ايوب قبضه الباب ولكنه قبل ان يدفع بجسده للخارج ، التفت نحو الطفل مبتسما وقال:
-يا لك من قمله صغيره مزعجه!!
.
.
.
.
كانت ليله قارسه البروده حالكه الظلام وحده شعاع القمر الناعس المرهق هو من كان ينير تلك البقعه من كوكب الارض ، اراد بحر الدخول لغرفه نوم زوجته غير ان الطفل وقف امامه معترضا طريقه:
-اذهب الي غرفه اخري هنا انام انا وامي فقط!!
فقال بحر محاولا تقديم رشوه لذلك الحارس العنيد:
-ساشتري لك حمارا مثل بقيه الاولاد ان سمحت لي بالدخول
لم يتكلم الطفل
-ساشتري لك ثيابا جديده لو انك ابتعدت !!
لم يتكلم ايضا ..
-ساقوم برسمك لو انك نفذت ما اطلبه منك !!
-هل تعرف حقا ؟!
-الم تخبرك امك بانني اجيد الرسم؟!
كان الطفل مسحورا بفن الرسم وكان يرسم من وقت لاخر بعض الرسومات علي ورق الباردي مستخدما الفحم والريشه ودواه الحبر وكانت جومانا - علي الرغم من سوء رسماته - الا انها تشعر بالكثير من الرضا ، عندما تشاهده يمارس تلك الموهبه التي تذكرها بوالده
-هاه ماذا قلت؟! هل انت موافق؟!
نسي المقابل الذي يجب عليه دفعه مقابل الرسمه
-نعم نعم اريدك ان ترسمني - قال بحماس
-سافعل ولكن بعد ان تسمح لي بالدخول!!
-اوه لا - قال متذكرا وهو يستعيد عناده - انت لن تدخل هنا ابدا!!
.
.
.
.
اطال بحر النظر في عيني ابنه البندقيتي اللون اللتين تشبهان كثيرا عيني زوجته ، محاولا ان يقرا فيهما طريقه يستطيع من خلالها الدخول وقد كان مستعدا لان يستمر طويلا في عمليات التفاوض تلك لوقت طويل ولكن جومانا التي ازاحت ستاره النافذه وظهرت له من خلف الشباك ، اومأت له برأسها تخبره بأن لا يتعب نفسه فالطفل يراه شخصا غريبا ، وهو لن يسمح لشخص غريب بالنوم في فراشها ..
أنت تقرأ
أبابيل
Fantasyكل شئ سيمضي انت فقط عليك ان تصمد لبعض الوقت، ان تقاتل من اجل الوقوف مهما اهتزت الارض من تحت اقدامك #الجساسه #جومانا