الفصل الخامس

367 11 0
                                    

في الصباح:
كان الطفل يغط في نوم عميق عندما نهضت والدته من جواره ، وراحت تتسحب بهدوء لخارج الغرفه .. وعندما تأكدت من انها اصبحت في امان ، وان ابنها لم ينتبه علي حركتها ، اكملت طريقها نخو غرفه زوجها مشيا علي اطراف اصابع قدميها .. لم تكن تعلم ان كانت ستجده مستيقظا ام انه لا يزال نائما ، لذلك فضلت اولا ان تلقي نظره عليه من خلال النافذه لتتحقق ..  وعندما فعلت وجدته يضع لمساته الاخيره علي ثيابه وهو ينظر الي نفسه من خلال انعكاس المرآه المتسخ سطحها بالغبار ، فعرفت انه كان يستعد للرحيل مره اخرى

لم ينتبه اليها في بدايه الامر ولكنه عندما انتهي من وضع اللمسات الاخيره علي ثيابه واستدار لينصرف وجدها تنظر اليه من خلال النافذه وما ان التقت العين بالعين حتي سقطت اول دمعه من عينيها ، ورغم انا حائطا وبابا ومسافه كانت تفصل بعضهما عن بعض الا انه خيل اليه سماع صوت ارتطام دمعتها بالارض

فتح الباب واتجه نحوها بمزيد من الحذر لكي لا يكتشف
الطفل الامر توقف امامها مباشره تاركا بينه وبينها مسافه قبله ، رفع وجهها الحزين الناعم بيده الخشنه وراح يتامل في عينيها البندقيتي اللون واستطاع رغم الدموع المحتشده فيهما قراءه هذه الجمله ، والمكونه من ست كلمات:
(( ابقي ففي رحيلك لا امان لنا ))
تجاهل تلك الكلمات الست المكتوبه في عينيها وقال:
    -هل تعلمين بانك ثاني اجمل امرأه رايتها ؟!
قالت بغيره وقد ازداد حزنها:
    -ومن عساها تكون الاول ؟!
اجاب مبتسمت:
    -انت - صمت قليلا ثم اضاف: ولكن عندما تبتسمين!!
ابتسمت واختفي بريق الحزن من عينيها:
لقد اشتقت اليك يا بحر - اعترفت بلهفه
    -وانا اشتقت اليك ايضا - ثم تنفس ملء رئتيه و اضاف: ما زالت رائحه الياسمين تنبعث منك !!
    -انا بستان الياسمين الذي تطاردك رائحته اينما ذهبت وتعيدك اليه مكبلا مثل اسير حرب .. اتذكر ؟!
وهو يبتسم لها بحنو:
انا دائما اذكر
كانت رائحه زهره الياسمين تنبعث دائما وبطريقه سريه من جسدهاوكان بحر وبطريقه غامضه يستطيع التقاط تلك الرائحه ختي وهو في اقاصي الارض ، وعندما كان يعود اليها في كل مره فإنه يقول:
     -في الغياب كانت رائحتك تصلني يا جومانا
وعندما كان يشاهد في عينيها دهشه الاطفال يبتسم ويضيف:
     -انت بستان الياسمين الذي تطاردني رائحته اينما ذهبت ويعيدني اليه مكبلا مثل اسير حرب
.
.
.
.
ثم وبينما كانا يقفان في ساحه البيت الداخليه يتذكران تلك الايام البعيده اذ مدت يدا مرتعشه امسكت بها زوجها من ثيابه السوداء ، بالقوه ذاتها التي امسك بها الطفل فيها خصله شعرها النافره عندما حملته بين يديها لاول مره
كانت جومانا فتاه طاغيه الجاذبيه للحد الذي جعل بحر يجد صعوبه بالثبات متوازنا في مكانه عندما شاهدها اول مره: عيناها البندقيتا اللون وشفتاها البارزتان وانفها المستقيم ووجهها الابيض المرقط بحبات النمش الخفيفه المنتشره علي وجنتيها واجزاء معينه من رقبتها كل ذلك كان يجعل من جمالها شيئا نادرا .. لها جسد نحيل يبرز منه صدر نافر مستدير يشبه فاكهه شمام ناضجه وتملك شعرا رمادي اللون عندما تجعله مسترسلا فوق كتفيها ، تصبح كما لو انها فتاه من السماء تلقي علي الارض نظره من وراء سحب الليل الرماديه المتراكمه ..
اما سطوه زوجها اخفضت جومانا خطوط دفاعاتها تماما ، اقترب بحر منها اكثر حتي بات يستطيع رؤيه نفسه في حدقتي عينيها ، تخالطت انفاسهما ببعض حتي اصبح كل واحد منهما يتنفس زفير الآخر ، ولكن قبل ان يضع قبلته عليها:
     -انت - صرخ الطفل من ورائهما - ابتعد عنها !!
ثم انحني ملتقطا فرده حذائه وراح يركض باتجاه والده ما ان رآه حتي هرب نحو الباب .. ( هو خلا فيها والده 🤣) ازال المزلاج والتفت نحو زوجته ليلقي عليها نظره الوداع فوجدها تضع يدها عند فمها وتضحك .. ابتسم سعيدا من اجلها ثم وقبل ان يكمل هروبه اجابها علي تلك الجمله التي قرأها في عينيها والمكونه من ست كلمات
    -لا اخشي عليك مغبه رحيلي والي جانبك هذا المفترس !!

أبابيل حيث تعيش القصص. اكتشف الآن