1- وراء المجهولارجو المعذرة.. أتساءل فيما لو كنت ترغبين فى اسداء معروف لى..
وانفرجت شفتا باتريسيا بالمر بشهقة مخفية، واشتدت قبضتها على سياج المركب الى ان اصبحت اصابعها بيضاء.
وتابعت تحديقها في المياة البنية الموحلة للنهر ، وهى تأمل دون جدوى ان تكون الملاحظة هذه قد وجهت الى شخص آخر، أى شخص كان.
ولكن كانت تعلم فى نفس الوقت ان هذا غير ممكن.
اذ لم يكن هناك اى اميركي غيرها على متن المركب.
ما عدا الفتاة الشقراء التى صعدت اليه فى سانتافية...
واخذ تفكيرها يعمل : لقد سافرت الآف الكيلوا مترات حول العالم أسعى وراء الهدوء والسكينة، ولكى اهرب من طلبات كهذه.. ومع ذلك.. ها هنا .. وحتى هنا....
وتابع الصوت مصرا"
- اعذرينى .....
واستدارت باتريسيا دون ابتسام:
- نعم ...
- كنت اتساءل.....
وابتسمت الفتاة الاخرى وهى تبحث فى حقيبتها ثم تخرج مغلفا" وتتابع:
-هل يمكنك ايصال هذه الرسالة عنى الى الفندق فى سانتياغوا ديلاستيرو؟
فى الظاهر الطلب لا ضرر منه ولكن اهتمام باتريسيا تحرك على كل الاحوال ، وخاصة ان الراكبة الجديدة فى المركب والتى عرفت اسمها من سجل الركاب ((جولي)) كانت قد بقيت متباعدة بالكاد تحدثها او توجه لها اى اشارة حتى الان.
وقالت لها:
ولم لا توصلينها بنفسك؟ سنصل الى سانتياغو بعد الغد؟
واجابتها الفتاة بأختصار:
لن اصل الى هناك . سأنزل فى المحطة التالية وسآخذ المركب العائد الى سانتافية.
لقد اكتفيت من الارجنتين وغاباتها العظيمة والسفر فى النهر.
واشارت الفتاة الى ما حولها وهى تضحك.
- اعنى .... هل شاهدت مثل وسائل الراحة من الدرجة الاولى ....مثل هذا الشىء؟
- أجل ... فى الواقع انا استخدم جزءا" من وسائل الراحة هذه.
- وهزت جولى رأسها .. هذه الرحلة كانت كارثة بالنسبة لى منذ اليوم الاول
- ولم اكن اظن انها ستكون هكذا بدائية ورهيبة...
- سأغادر المركب الان ، وانا لاأزال قادرة.
- ونظرت اليها باتريسيا بدهشة ممزوجة بالتسلية ، وكان عليها ان تعترف ان الفتاة تبدو فى غير محيطها
- انها تتصف بالبريق المرتفع المقام الذى يمكن للمال وحدة ان يوفرة...
- من الشعر المصفف على احدث طراز الى الثياب الغالية وكانت باتريسيا قد تساءلت اكثر من مرة ،
- منذ ان شاهدتها لماذا قامت هذه الفتاة بتلك الرحلة فى المقام الاول
- بينما فى امكانها ان تكون فى محيطها الملائم اكثر فى مونت كارلوا أو الريفيرا او اى منتجع فخم آخر فى اوروبالذا لم تندهش لمعرفتها بأن اربعة ايام من السفر فوق ماء موحل ،والاغتسال بها من((سطل)) تعبئة من النهر بنسها هو امر كثير على جولي، وهذا ان لم تذكر تلك الفجوة المحاطة بستارة والتى تقوم مقام الحمام، والوجبات التي لا تتبدل من الفاصوليا السوداء والارز المضاف اليها احيانا السمك أو اللحم ان وجدوه في احد المحطات..
وقالت بخفه : يبدوا كلامك خطيرا ..هل لديك معلومات سرية بأن المركب سيغرق ؟
- اوه .. لا .. لقد أسأت تفسيري للأمر ..فما اعنية ... هو اننى لا اريد المضي فى الرحلة فى هذا النهر اكثر من هذا.
- والأ سوف أتأخر عن رحلة العودة الى وطنى. لذا ..تكونى لطيفه معى.....ووووو
- أخذت باتريسيا منها الرسالة .جاهدة أن تخفى أستيائها
- لقد كانت شريرة ولكنها سئمت من صنع المعروف مع الناس
على كل ستنزل في سانتياغو ديلاستيرو على كل الاحوال.ولن تزعجها توصيل رسالة.
ولكن بداخلها كانت تشعر بقلق لا تفسير له.
ونظرت الى الكتابة على الرسالة قبل ان تضعها فى حقيبتها.كان مكتوب على الرسالة سنيور(( جودي لاكروزا))
دون عنوان ولا حتى اسم فندق، مع انها تشك في ان يكون بالبلدة اكثر من فندق واحد.
وابتسمت جولى متوترة:
- لقد اتفقت على لقاء أصدقاء ... وأعتقد من الافضل ان أترك لهم رسالة اشرح فيها سبب عدم قدومى.
- هذا منتهى عدم الاحتشام وخاصة انها عرفت ان الاصدقاء ما هم سوى رجل واحد ولكن ماذا دهاها حقا ليس من شأنها.
- وسألتها:اذن ما على سوى ترك الرسالة فى قسم الاستعلامات بالفندق؟
- هزت جولى رأسها بلهفة:
- -اذا كنت لاتمانعى.. ولن اقدر على شكرك كفاية.
- وردت باتريسيا بتهذيب اكثر من حقيقتة: لابأس.
- وابتسمت جولى ابتسامة حارة قبل ان تستدير وتذهب.
- عادت باتريسيا لمراقبة المناظر التى تمر بها ...عندما بدأت هذه الرحلة
- كان النهر يبدو عند بدايتة واسعا كالبحر ولكنه الان اصبح ضيقا"وكأنما يطبق على المركب.
- والادغال الخضراء العالية تبدو قريبة وكأنها تستطيع مد يدها لتلمسها.
- مما ذكرها بأحد أسباب رحلتها .سبب لم ترد الاعتراف به ولو لنفسها.
- لقد تركت لها ربة عملها السيدة دودج بعد موتها مبلغا من المال لتصرفة على رحلة الى الخارج مكافئة لها...
- وقالت فى وصيتها:ا))الى عزيزتى باتريسيا ..الصديقة الوفية..حتى تتمكن من فرد جناحيها والتحليق نحو بلاد بعيدة))
- قالت باتريسيا للمحامى : لااستطيع قبول المبلغ
- فأبتسم المحامى:
- قبولك له لن يحرج اى اقارب لسيدة دودج يا سيدتى الشابة ما تبقى من املاك سيذهب الى ابن اخيها دايفد، وهو للآسف لم يتصل بعمتة منذ سنوات .فى الواقع لااحد يعرف مكان وجودة او حتى ان كان حيا ام ميتا".انه مغامر متشبث برأية.. كما علمت.
- - ولكن السيدة دودج تعتقد انه لازال حيا وهى مقتنعة بهذا. وكانت تبحث عنة كثيرا ،وتقول انه سار الى امريكا الجنوبية بحثا عن مناجم الذهب.واقسم ان لا يعود قبل ان يصبح مليونيرا"...
- - انها مغامرة خطرة سببت لعمتة الحزن الكثير وسوف ننشر اعلانات له بالطبع.
- ولكن قد يكون فى مكان لا نعرفه ...أمريكا الجنوبية بلاد واسعة جدا".
- وفى الايام التى تلت وجدت باتريسيا نفسها تفكر اكثر بدايفد دودج المفقود .
- كانت السيدة دودج قد اخبرتها مرارا:لقد كتب لى بضع مرات من التشيلى والارجواى والارجنتين
- ولكنه لم يكتب شيئا" منذ سنتين.
- وعرضت عليها صورة له ،كان طويلا اشقر احدى ذراعية ملقاة على كتف عمتة ، لم يكن فى طلعتة الجميلة ما يدل على كونة مغامرا"
- وابتسمت لنفسها وهى تفكر: وانا كذلك لا يبدو على حب المغامرة. وانا لا ازال فى منزل والداى وقد بلغت الثانية والعشرين، لقد حاولت عدة مرات الخروج لتشق حياتها بنفسها ولكن امها كانت تقابل محاولتها بالبكاء والعويل واتهامها بأنها عاقة وجاحدة .
- واتسعت ابتسامتها عندما تخيلت امها وردت علها عندما عرفت بنيتها للقيام بهذه الرحلة.
- انها تنوى ان تستمر فى هذه الرحلة الى آخر مدى يصل اليه المركب .ثم بعد ذلك تقرر ماذا تفعل.
- احست بالروعة لكونها وحدها الان، بعيدة عن تسلط اى انسان .
- ومن يعلم قد يكون فى عمق هذه الادغال الخضراء وعلى ضفة نهر مخفى(دايفد دودج) ينقب عن الذهب.
- وبما انها هنا الان فبأمكانها الان ان تعترف ولو لنفسها ان فكرة البحث عن دايفد قد خطرت لها اكثر من مرة.قد يكون هذا حلما رومانسيا" غبيا ..ولكنها حفرت آخر اسم ذكرتة السيدة دودج في ذهنها ...واذا وجدت نفسها بالصدفة بجانب مقاطعة سالتا الجبلية فلا مانع لديها لتقوم ببعض البحث.
- كابتن المركب وبعض افراد الطاقم يتحدثون بالانجليزيةالمبعثرة.
- حدقوا بها بعدم فهم لدى طرحها عدد من الاسئلة ..صممت ان توصل الرسالة الى الفندق .بنفسها.
- الحياة بالنسبة لها لم تكن بها احداث حتى الان
- ولكن هذا كلة سيتغير.. هذه الرحلة الى اواسط ادغال الارجنتين ستكون مجرد البداية لرحلات قادمة الى ادغال امريكا الجنوبية...
- سالتا .. القابعة فى حضن الجبل ...ها انا قادمة اليك.
- *************************************************
أنت تقرأ
روايات احلام: جزيرة الذهب
Romanceكانت باتريسيا تشعر بالامتنان والجميل تجاه السيدة دودج لتخصيص جزء من ارثها لها مما دفع بارتسيا للتفكير بالتفتيش عن ابن أخيها (دايفد دودج) الذى قيل انه يبحث عن الذهب فى أدغال وغابات أمريكا الجنوبية وهناك تعرفت وبطريقة غريبة ووحشية الى خوليو ى لاكروزا ...