19-التصالح مع النفس

488 23 8
                                    

‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍صدر النهار وسماءه صافية وشمس مشرقة تتغلغل اشعتها ارجاء المكان
اصوات مزعجه عالية و متداخله،  ما ان تصل للأذن تتشنج الأعين تلقائيا وتنكمش ملامح الوجه خوفا من ذاك الصوت الذي يصدح صداه
وما هي الا صوت تلك القطارات تتخذ مسارها لتبدأ رحلتها اليوميه
ويقف في انتظاراها هذا الجمع الغفير منهم من يطلب العلم بمكان اخر ومنهم من يسعي لكسب رزقه واخري واخري.

ببنما تجلس تلك علي احد جانبي الرصيف علي رأسها حجابها المهمل ليظهر من اسفله بعض من خصلات شعرها قد كساها الشيب، وبجوارها حقيبة سفرها وذلك الهاتف علي اذنها تستمع لبعض الكلمات ممن تهاتفه لترفع يدها تمسح عن وجنتها تلك الدمعه المنهمره لتبتلع ريقها وهي تردف بمزيج من الحقد والكره:
بقي انا اخته من لحمه ودمه يرميني رمية الكلاب دي وانت جاي تقولي بردو اننا غلطانه
وانت عارف زياده علي انه مش عاوز يديني فلوسي، انه هو السبب في اننا مخلفش

صمتت لبرهه لتستمع الي حديث الطرف الاخر ولاكن بدا علي وجهها ان حديثه لم ينل رضاها لتصطك اسنانها بغيظ وتردف:
انت بتدافع عنه ليه انا عاوزه افهم
اشحال هو اللي ماضي ع الاقرار وقت الحادثه
وبكل بجاحه جه يقولي سامحيني الدكاترة قالو حالتك خطيرة ولازم يعملو اي حاجه عشان يوقفو النزيف وحرموني من ان يبقي ليا ضنا افرح بيه واشيله طول عمري
وهو!!!  هو جاله ف كل بطن بدل العيل اتنين
وفوق كل ده مستكتر عليا  حقي في ورث ابويا، رمالي شوية ملاليم عشان يسكتني
وف الاخر جاي تدافع عنه
بقي ده جوزي اللي واخداه سند يقف ف ضهري ويسندني واقف في صف اللي واكل حقي!!
عموما
متشغلش بالك بيا.. انا هنزل البلد عند اهل امي اقعد كام يوم لعند م تبعتلي تذكرة السفر
بس خليك فاكر انا مش هسيب حقي.

انزلت يدها لتضغط بإصبعها علي احد ازرار الهاتف وهي تزفر وتنظر امامها بضيق حين وصل القطار الذي ستستقله للمغادره وتهمس:
ماشي يابن ابويا
بقي دي اخرتها،  بس لا مش هتكون دي نهايتي هرجعلك يا عز الدين وهاخد حقي تالت ومتلت
زينب متتاكلش لحم وتترمي عضم

نهضت علي مضض وهي تجذب حقيبتها خطوه وتتكأ عليها خطوة اخري حتي وصلت امام باب  احدي عربات القطار لينتشلها صوت رنين خاتفها
ما ان نظرت له ليشمئز وجهها وهي تبصق عليه وتردف بكره:
يارتني م سمعت كلامك يا بومه
خلتيني اضييع حقي زي م ضيعتي حقك بغباءك
غوري يا سوزان الكلب

اغلقت هاتفها لتنزله عن يدها من ثم صعدت للقطار وهي تجذب الحقيبه خلفها بتعب لتستقل احد الكراسي الفارغه وتريح جسدها عليه وعيناها تتطلع للخارج  وتشع منها نظرات مريبة وغامضه بذات الوقت.

♥♥♥♥♥♥♥
"صباح النشاط جاي علي نفسك وصاحي بدري ليه انت كمان!! "

يجلس علي طاولة الطعام بملابسه البيتيه بالطابق الاسفل من منزلة وامامه صحون الافطار وبيده رغيف الخبز بعد ان تناول نصفه
ليقطع خلوته ابنه الأكبر مقبلا عليه بثيابه الكاجوال علي غير عادته والتي تكونت من بنطال وتيشيرت باللون الاسود  ، وعلي ذراعه يضع سترته الجلدية و يمسك بساعة يده يحاول ارتدائها
اقبل ناحية والده يرسم ابتسامه هادئة تزيد من وسامته وملامحه الرجولية
ليردف:
عاوزني اسيبك تفطر لوحدك يعني !

توأم طفيلي بقلم ياسميناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن