الفصل الثالث

18.4K 615 30
                                    

***
«حرِر هَوَاك فَالحُب بَات مُعلنَا»
«الفصل الثالث»

***

بسم الله الرحمن الرحيم
استغفروا..

"أنا مش هقدر أتحمل مسؤولية طفلين، فلوسي بتكفيني انا ومراتي وابني بالعافية لدرجة إننا درسنا الموضوع واكتفينا بإبن واحد عشان نقدر نوفر له حياة مستواها كويس، بس ممكن أدبر أموري لرعاية طفل كمان لكن أكتر من كدا مقدرش، لو أخدت الإتنين هيكون ظلم ليهم وليا"
لحظة من الصمت سادت حين وقعت كلماته على آذان يوسف، طالع الفراغ أمامه محاولاً استيعاب ما يطالبه به، بائت محاولات استيعابه بالفشل الذريع فهو يرفض أطفالاً صغيرة خشية من عدم استطاعته للإنفاق عليه كأنه هو من يرزقهم!!

كادت أعصابه أن تنفلت لكنه صمد لكي يقنعه حتى وإن كلف الأمر التوسل إليه:
_ إيه اللي حضرتك بتقوله دا؟ أنا مش بقدم لك سلعة هتقبل تشتريها أو ترفضها، دول ولاد أخوك وأنت المسؤول قدامي عنهم، مفيش مجال إنك ترفض حد فيهم، وفي الآخر ياسيدي ربنا اللي بيبعت الرزق مش أنت زي ما أنت فاكر

قاطعه الآخر بعملية غير مقتنع بوجهة نظره:
_ أنا فاهم كويس اللي بتحاول توصله، بس البلد هنا ليها حسابات تانية غير اللي اتعودنا عليها في مصر، عندكم لو واحد احتاج لمساعدة هيلاقي اللي يمد له إيده ويساعده ومش واحد بس هيلاقي كتير أوي ساندينه وواقفين في ضهره لغاية ما يرجع زي الأول ويمكن أحسن، لكن هنا مفيش الكلام دا، تقدر تقولي وقتها إيه العمل لو مقدرتش أوفر لهم تعليم وآكل وشرب؟

أخذ يلتقط أنفاسه وتابع:
_ أنا بشتغل ليل نهار عشان ميجيش يوم مقدرش أوفر فيه أقل الحقوق لعيلتي، إحنا في عالم مختلف تماماً عنكم، مفيش مساعدة مفيش دعم حتى لو شافوك بتسف التراب، هنا تشتغل تاخد مقابل غير كدا مفيش مقابل تحت مسمى المساعدة، لو سمحت حاول تفهمني، أنا مش رافضهم بس أنا مش هقدر أعول طفلين زيادة فوق عيلتي، الوضع هيكون فوق طاقتي

بهجوم ونبرة صارمة صاح يوسف:
_ مش موافق حضرتك في الرأي نهائي، المسائل دي مش بتتشاف من منظورك دا، بتتشاف من منظور تاني إسمه صلة الرحم، هما عيلتك وولاد أخوك، وكل اللي يخصهم المفروض يهمك، أنت واجب عليك تحميهم وتفكر فيهم وفي مصيرهم لو اتفرقوا عن بعض بعد موت والدتهم وأخوهم، هما ملهمش غير بعض وأنت بعد ربنا، أنت آخر أمل ليهم، حضرتك ليه مش شايف كدا؟

صمت يوسف وحاول التحلي بالهدوء قدر المستطاع، أخفض من نبرته الحادة واسترسل متابعاً:
_ بعيداً عن كدا لنفترض إنه أي كلام من وجهة نظرك، أنت ناسي إن ربنا اللي بيرزق، بأي وجه حق ترفض واحد فيهم كأنك أنت اللي بتبعت رزقهم؟

بلا مبالاة قاتلة أردف الآخر:
_ لسه مش قادرين نوصل لنقطة مشتركة، واللي اتكلمنا فيه بنعيده تاني من غير حل في الآخر، أنا بعتذر منك بس مضطر إني أقفل لأن عندي شغل ضروري، ياريت تتفهم وضعي وأنا هستنى منك مكالمة تبلغني فيها قرارك، وعايز أعرفك إني متكفل بمصاريف سفر الطفل اللي هتبعته عندي

حرر هواك فالحب بات معلنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن