الفصل الرابع

17.9K 564 16
                                    

« حرِر هَوَاك فَالحُب بَات مُعلنَا»
  «الفصل الرابع»

***
بسم الله الرحمن الرحيم

حل السكون بين الجميع، لقد حانت اللحظة الذي يخشاها يوسف، يجدر عليه أن يأتي برد في الحال، مرر يوسف أنظاره بين الواقفين فاستشف تأثر والدته بموقفه، حتماً تشعر بما يجول في خاطره تلك اللحظة.
قطع ذلك الصمت يوسف باسترساله المتوتر من ردة فعلها:
_ علي مشى..

قطبت جبينها فلم يعي عقلها الصغير تفسير معنى رحيله وهتفت متسائلة ببراءة:
_ مشى فين؟

نهض يوسف عن مقعده فحركت لينة رأسها عفوياً معه، حمحم قبل أن يردف موضحاً لها بنبرة مهزوزة:
_ سافر، سافر عند عمكم

تجهمت ملامحها تدريجياً حين استشعرت حقيقة ما قد قيل، وقبل أن تثور بطفولة لفظت سؤالها بنبرة تهدد بالبكاء التي تحاول كتمه:
_ سافر وسابني؟

زم يوسف شفتاه ولم يقدر على مواجهة عينيها التي لم تُرفع من عليه في إنتظار إجابة صريحة منه، اقتربت منها السيدة ميمي حين شعرت بوضع ولدها الذي لا يحسد عليه، حاولت التدخل والتخفيف من عليه، جلست على الأريكة وجذبت الفتاة من ذراعها قبل أن تردف كلماتها الحنونة:
_ في حاجات مينفعش نسأل فيها، هو نصيب مقدر من ربنا ولازم نرضى بيه، أنا عارفة إنك كبيرة وعاقلة وأكيد فاهمة معنى كلامي، وعارفة كمان إنك مصدومة ومتفاجئة من الحياة اللي اتشقلب حالها بين يوم وليلة، بس بصى كدا حواليكي، هتلاقي كتير بيتمنوا سعادتك وإنهم يشوفوا ضحكتك، أنا أهو ويوسف وزياد كمان، كلنا جانبك ومش هنسمح أبداً إنه يحصلك أي حاجة وحشة طول ما إحنا فينا النفس

فرت دمعة خفية من عيناي لينة فرفعت ميمي يدها ومسحتها على الفور بأناملها، شكلت بسمة على ثغرها فظهرت بعض الكرمشة في وجهها وقالت:
_ من هنا ورايح تناديني بماما زي يوسف وزياد

شعر يوسف بأن وقته قد حان للتحدث، ابتلع ريقه ورتب كلماته قبل أن يسترسل بصوته الرخيم:
_ وكمان تقدري تعتبرينا إخواتك، إحنا هنا في خدمة السفيرة لينة

التفت يوسف برأسه حيث يقف زياد وحثه على تأكيد حديثه:
_ مش كدا برده يا زياد؟

وزع زياد أنظاره بين يوسف ولينة وداخله يرفض البتة اعتبارها شقيقته، فهي في الأساس ليست كذلك كيف وهي فقط دخيلة، كيف سيرغم عقله على الإقتناع بهذا الهراء؟

اتسعت حدقتي يوسف موحياً إليه بالتحدث لكنه لم يأبى لما يريده يوسف فعله، تقدم ناحيتهم وقال بحدة باغتة وهو يرمق لينة بطرف عينيه:
_ لأ دي مش أختى، ومش هعتبرها كدا أبدا

فر هارباً إلى غرفته ما أن أنهى جملته، تفاجئ يوسف والسيدة ميمي بتصرفه الغريب، فلم يجدوا له تفسير واضح، تنهد يوسف مستاءً فموقف شقيقه قد ضاعف للوضع تعقيداً، فكيف سيطالبه بما كان يجول في خاطره الآن بعد رفضه الصريح لقبول الفتاة؟!

حرر هواك فالحب بات معلنا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن