الأيام تمضي متتالية فترى السماء مبللة بغزير المطر ، الشوارع مكللة بالحزن والأشجار تعرت تماماً من اوراقها متأهبة لبرودة الشتاء القارصة .
وفي احد شوارع تلك المدينة المزدحمة ، داخل مبنى الشركة الضخم غادر ذلك المحامي مكتبه بعد ان أنجز جزءاً كبيراً من عمله وانتابه شيء من السأم .
توجه نحو منطقة الاستراحة فهبت نسمة من هواء باردة كالصقيع لتلفح وجهه وتعبث بخصلات شعره الفحمي فأسدل عينيه بهدوء منتعشاً برائحة المطر المعبقة في الأجواء ..أخرج علبة السجائر من جيبه وتناول سيجارة ليضعها بين شفتيه ثم اشعلها ليأخذ نفساً عميقاً منها وهو يدس بالعلبة داخل جيبه
ولما امتلأت رئتيه بتبغها ابعدها بأطراف انامله ليزفر دخانها خارجاً فيتكاثف الدخان مع الهواء البارد خالقاً مزيجاً من ابخرة متجانسة .
رفع بصره الى السماء متأملاً غيومها الداكنة للحظات ، يتقصى اثار اشعة الشمس عبثاً فيبدو ان تكدس الغيوم الثخينة كان كفيلاً بحجب شعاعاتها الدافئة تماماً كما يحجب الغضب المكنون في صدره مشاعره ويهيمن عليها !بدون ادراك منه تقافزت صورة كارين الى ذهنه ليضيق عينيه بغموض مفكراً ، لم يصادفها منذ الصباح مما يجعله يفكر بسبب غيابها
أيشغلها العمل الكثير عنه ، ام انها ببساطة لا تهتم لرؤيته ، ألم يتمكن من قلبها بعد ، كيف الوصول الى هذه الفتاة صعبة المنال ؟!
رغم انه تعمد لعب لعبة الكر والفر معها منذ البداية الا انه ما عاد مرضياً بالنسبة له ابتعادها بهذا القدر عنه !عاد الى مكتبه ليتناول بعض الأوراق وتوجه نحو مكتبها متذرعاً بالعمل للقائها ، لكنه تفاجأ بوقوف مساعدتها في طريقه تسأله : كيف يمكنني مساعدتك سيدي ؟
لوح بالأوراق امامها متكلماً ببرود : لدي بعض العمل مع الانسة كارين .
ابتسمت بأسف : ما العمل سيدي ، الانسة كارين ليست في المكتب اليوم !
قطب حاجبيه متعجباً وسأل بهدوء : متى ستعود اذاً ؟
اشارت نافية بحزن : انها مجازة اليوم ، مع الأسف لن تتمكن من لقائها حتى الغد ، لا يمكن التواصل معها في مثل هذا اليوم من كل عام ..
ضيق حدقيه متكلماً بغلو : سأهاتفها لاخذ موعداً منها
اصرت المساعدة على رأيها : سبق واخبرتك انك لن تتمكن من رؤيتها اليوم سيدي لكنني سأدون لك موعداً للعمل معها في الغد ، يصادف اليوم ذكرى وفاة والدة الانسة كارين وهي ترفض العمل او لقاء اي شخص في مثل هذا اليوم ، لن تجيب على مكالمتك ايضاً فهذه هي عادتها .
همهم بسكون وتراجع نحو مكتبه بفتور ، ذكرى وفاة والدتها اذاً!
لماذا تقضي هذا اليوم بمفردها عادة وتتجنب العمل وكل من حولها ، ماذا عن تايهيونغ المقرب منها ؟!
تقفى أثره فعلم انه في غرفة الاجتماعات يترأس اجتماعاً للعمل مما يعني انه هو ايضاً خارج دائرتها الضيقة لهذا اليوم ..
أنت تقرأ
" لحن الانتقام "
Romantikوعدتك أن لا أحبك.. ثم أمام القرار الكبير، جبنت وعدتك أن لا أعود... وعدت... وأن لا أموت اشتياقاً ومت وعدت مراراً وقررت أن أستقيل مراراً ولا أتذكر أني استقلت...