7. أمس, واليوم , وأبدا

542 19 2
                                    

7_ أمس, واليوم , وأبدا....

مرت لحظات صمت عصيبة , والشخصان الجالسان يحدقان بالأثنين الواقفين في الباب بطريقة تدل على الأستياء من هذه الزيارة المفاجئة, ثم وقف بيار وقال للزائرة بصوت ناعم عميق
بعد مسارعته الى أخفاء يده الجريحة في جيب سرواله:
" أهلا وسهلا , يا سولانج,لم أتوقع حضورك بمثل هذه السرعة ".
تقدمت نحوه بذراعين مفتوحتين , وأبتسامة مشرقة, ثم وضعت يديها على كتفيه وخدها على خده ...حسب الطريقة الفرنسية , وقالت:
"أوه , يا صديقي العزيز , كم أنا مسرورة برؤيتك".
ثم أستدارت نحو الرجل الذي دخل وراءها ,وقالت له:
" تعال , يا بيورن , لأعرفك على صديقي العزيز جدا....بيار دوروشيه".
حولت نظراتها بسرعة نحو أيلاين , التي ظلت جالسة على المقعد وكأنها قطعة من الجليد , وأضافت بلهجة ساخرة خبيثة:
" وأيضا على من أظنها... حتى الآن ... زوجته ذات الطباع الغريبة , أيلاين".
أحنى العملاق الأشقر رأسه أحتراما ,وقال:
" أنا بيورن بيولينج , ويسرني التعرف عليكما".
رد عليه بيار بتهذيب مماثل:
"على الرحب والسعة , تفضل , أجلس ,أيلاين , هل من الممكن أعداد المزيد من القهوة؟".
" نعم, نعم, طبعا".
حملت الصينية بشيء من الحدة ,بعدما لاحظت أن سولانج تتأملها بأستهزاء ... وحقد , وضعت الماء على النار وأصغت بأنتباه بالغ , كي تسمع كل كلمة يقولها الآخرون , أستهل بيار الحديث بالقول:
" متى عدت من باريس , يا سولانج؟".
" في وقت متأخر من ليلة أمس, أنا آسفة جدا , أيها الصديق العزيز, لعدم تمكني من مقابلتك لك هذه المرة , وآمل في ألا يكون غيابي عن الشقة , قد تسبب لك بأي أزعاج , قالت لي السيدة أولات أنك كنت متضايقا قليلا من شيء ما , فقررت الحضور اليك في أسرع وقت ممكن".
أحست أيلاين بالغيرة تطعنها في الصميم ,وتخلف جرحا عميقا في قلبها وعواطفها وكرامتها , لماذا توحي كل كلمة تقولها سولانج بوجود علاقة حميمة تربطها مع بيار ؟لماذا؟.... سمعت زوجها يعلق بكلام هادىء على تلك الجملة
ثم يحاول أبعاد الحديث عن المواضيع الشخصية:
" لا, لم أشعر بأي أنزعاج على الأطلاق, هل أنت في أجازة هنا , يا سيد بيورلينج؟".
" لا يمكن وصف أقامتي هنا على هذا الوجه بالتحديد, فأنا فنان أيضا ,وأنتقل بين هذا البلد وذاك".
تدخلت سولانج على الفور , عندما أحست بتردد رفيقها الناجم عن عدم طلاقته بالفرنسية , وقالت:
"ألتقينا في العام الماضي ,في أستوكهولم , أتصل بي هذه السنة ليقول أنه آت الى باريس , ويحب مشاهدة بعض المدن الأخرى وأجزاء معينة من الريف الفرنسي , ذهبت الى العاصمة لأستقباله , ودعوته الى الأقامة هنا بعض الوقت , ويأمل بيورن في التوجه الى أسبانيا , في فترة لاحقة".
لاحظت أيلاين , أو هكذا تصورت , أن سولانج تحاول أسترضاء بيار.... وكأنها تريد أقناعه بعدم وجود أي علاقة تربطها بهذا الرجل السويدي, تماما كما تفعل أي أمرأة مع حبيبها الغيور عندما يكتشفها مع رجل آخر , تطلعت بسرعة نحو بيار للتأكد من ردة فعله , فبدا لها غاضبا الى حد ما , حولت نظرها بالسرعة ذاتها الى بيورن , فلاحظت أنه يشعر بشيء من الأحراج والأرتباك , لم يعلق بيار على المعلومات المتعلقة باللقاء والدعوة وأحتمالات السفر , فعادت سولانج الى المواضيع الشخصية والخاصة
سألته بغنج ودلال:
" لماذا أتيت لزيارتي أمس؟".
" لأستعيد بعض الأشياء الخاصة بي, والتي أعتقد أنني نسيتها في شقتك".
تظاهرت سولانج بالدهشة , وهي تسأله بهدوء:
"أشياء تخصك؟ وهل توجد عندي أشياء كهذه؟".
" طبعا! هل نسيت؟ عندما زرتك في أحد أيام الشتاء لشراء أحدى لوحاتك الفنية الجميلة , تركت قفازين وقداحة وعلبة سكائر على طاولة صغيرة في القاعة , وقد شاهدتها أيلاين في وقت لاحق من ذلك اليوم نفسه".
وضعت أيلاين الفناجين الأربعة على الصينية وتطلعت نحو سولانج
التي نظرت اليها بتحد واضح وسألتها:
" حقا, يا أيلاين؟لماذا , أذن , لم تأخذي تلك الأشياء لدى مغادرتك شقتي؟".
سؤال في محله ... ولكن كيف ستتمكن من الأجابة عليه بحضور رجل غريب ؟ لاحظت نظرات الأستهزاء في عيني بيار
فقالت وهي تدير وجهها نحو أبريق الماء:
" لم أفكر حينئذ بهذا الأمر".
ألتفتت سولانج مرة أخرى نحو بيار ,وسألته بصوت دافىء مغر:

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 16, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

روايات عبير/ احلام - أطياف بلا وجوهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن