6. عاصفه في جرح عميق

353 9 0
                                    

6_عاصفة في جرح عميق

لاحظت أيلاين بعد ثلاث مكالمات هاتفية, أنها لا تعرف ما أذا كان هؤلاء الأشخاص سيحضرون الجنازة أم لا, فهي شاردة الذهن , وغير قادرة على التركيز والأصغاء بصورة طبيعية.
كان عقلها يضج بالمعلومات المذهلة التي زودتها بها مارجريت أثناء الغداء , فشعرت برغبة قوية في الأختلاء بنفسها في مكان هادىء...
لتحلل بتمعن وروية معنى هذه الأمور ومدى تأثيرها على حياتها ومستقبلها , قفزت من كرسيها بأندفاعها المعهود , وخرجت الى الشرفة المطلة على الحديقة والغابة والنهر, هل تبقى هنا , أم تذهب الى مكان آخر ؟ لماذا لا تذهب الى الغابة ...فسكونها ممتع , وجمال طبيعتها أخاذ ,وبرودة جوها رائعة!
جلست في الظل تصغي الى ضجيج الصمت ,وتفكر بما قاله لها بيار(ثمة أشياء كثيرة لا تعرفينها , يا أيلاين! وعوضا عن الأستفسار عن الأمور التي تجهلينها تسارعين الى تصور أفتراضات مجنونة ثم تقنعين نفسك بأنك أكتشفت الحقيقة , لم تهتمي بما فيه الكفاية , وهذا هو سبب أحجامك عن توجيه الأسئلة....).
راحت كلماته القاسية وأنتقاداته الجارحة تتردد في رأسها , كضربات المطارق ووخز الأبر, صحيح أنها لم تهتم بشكل كاف , ولكن ليس بالطريقة التي أوحى بها , لم تهتم بعمله , بماله , بطموحاته أو حتى بموضوع الأرث , لم تكن راغبة في معرفة أي شيء عن هذه الأمور , ولم تكن تعيرها أي أهتمام على الأطلاق , وعندما سمعت أقوال سولانج وشاهدت الأثبات بأم العين , قررت الأبتعاد عنه نهائيا بدلا من مواجهته وتوجيه أسئلة لن تؤدي ألا الى بت الزيت على النار.
ربما تصرفت كفتاة مراهقة , وليس كشابة ناضجة راشدة , ولكنها أقدمت على تلك الخطوة البالغة الأهمية , عندما شعرت بتعرض أحترامها الذاتي للتحقير والأذلال , رفضت منحه فرصة لتبرير مواقفه ,خوفا على أحلام الحب والسعادة التي نسجت خيوطها حول علاقتهما ... وخشية تأكدها من أنها ليست حقا المرأة الوحيدة في حياته.
أحست فجأة بالدماء الحارة تندفع بسرعة الى رأسها ووجنتيها , فقد تذكرت الليلة الفائتة وتفاصيلها وقارنتها بما جرى في هذه الغابة بالذات قبل عام من الآن , علمت آنذاك , وللمرة الأولى في حياتها , معنى الأثارة الحقيقية ... ولكنه أذهلها بأبتعاده عنها فجأة , وبقوله لها:
"لا , لا أقدر".
" هل تعني أنني.... لا أعجبك ... بما فيه الكفاية؟".
أدار وجهه نحوها وتأملها طويلا , قبل أن يضع مرفقه على الأرض قربها وويقول:
" لا , لا أعني ذلك أبدا , ولكنني لا أقدر ما لم نتزوج".
لم تصدق أذنيها ! فقد تمنت دائما من صميم قلبها أن يأتي يوم , يهتم بها رجل ما الى درجة كافية , بحيث يطالبها بالزواج قبل أي شيء آخر , ولكنها لم تكن لتحلم أبدا , بأن بيار سيكون هذا الرجل .فهو أول رجل أحبته , وأول من فتح عينيها على روعة الحب.
حدقت به لحظات طويلة ثم غمرتها سعادة فائقة وبهجة عارمة , سألته بلهفة وأرتباك:
" حقا, يا بيار؟".
" حقا يا أيلاين, لماذا تشككين في كلامي؟".
" لأنني أعرف أنه كان لديك عدد كبير من... الصديقات".
" هل تعرفين ذلك حقا؟ ومن أخبرك؟".
" شارلوت سوريل!".
"هل تبحثين حياتي العاطفية مع خادمة القصر؟".
"لا , ولكنها تحب التحدث عنك ... لأنها مغرمة بك , أنت رجل وسيم جدا , يا صديقي العزيز , ولست بحاجة لمن يخبرك ذلك , كما أنك تتمتع بخصائص معينة تجذب النساء اليك, بصورة مذهلة".
" وكذلك الخادمات المراهقات , على ما يبدو".
ثم أبتسم , وأضاف قائلا:
" أخبريني , لماذا تجعلك معرفتك هذه الحقيقة , عن كثرة الصديقات في السابق , تشككين في رغبتي بالزواج منك؟".
أحمر وجهها خجلا , وقالت بعد تردد:
" أنا لست جميلة جدا ... كما أنه ليست لدي أي خبرة حقيقية... أعني , أنني لم أرتبط... بأي رجل من قبل".

روايات عبير/ احلام - أطياف بلا وجوهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن