·﴿ الفَصلُ: الثَّانِي ﴾·

1.1K 124 102
                                    


« قـــــــــــــــــراءة ســـــــــــــــــــعـيـدة »

***

اسْتَقْبلَتْ الْقَاعَةُ الْكَبِيرَةُ لِقَصْرِ مُونَالِيزَةْ هَذَا الْقَرْنَ
أَشِعَّةُ الشَّمْسِ الْعُدْوَانِيَّةُ الَّتِي تُذِيبُ الشَّمْعَ دَاخِلَ الْقَاعَةِ ذَاتِ الْجُدْرَانِ الشَّاهِقَةِ وَ الْأُسْقُفِ الْبَعِيدَةِ الْمَمْلُوءَةِ بِثَرَيَّاتِ عِمْلَاقَاتِ الْحَجْمِ.

كَانَتْ تُمْسِكُ بِفِنْجَانٍ شَايَهَا أَثْنَاءَ امْتِعَاضِهَا عَلَيَّ كُرْسِيُّهَا تُنَاظِرُ الْأَرْضَ بِشُرُودٍ وَ عَقْلُهَا اللَّاهِي يَسْتَذْكِرُ الْعَدِيدَ مِنْ الْأَحْدَاثِ كُلَّمَا اقْتَرَبَ مَوْعِدُ أُتْيَانِ يَوْمَ الْعَاصِفَةِ يَوْمَ رَحِيلِ عَائِلَتِهَا.

لَيْسَ بِالذِّكْرِي الْجَمِيلَةِ لِتَفْرَحَ بِتَذَكُّرِهَا لَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِكَابُوسٍ يُدَاهِمُهَا كَذَلِكَ.

لَرُبَّمَا لِأَنَّ أُمَّهَا لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الْقَطَّةَ الْحَنُونَةَ الْخَائِفَةَ عَلَيَّ أَوْلَادَهَا ، لَقَدْ كَانَتْ تِلْكَ اللَّبْؤَةُ الْمُسْتَعِدَّةُ لِتَنَاوُلِ صِغَارِهَا انْ شَعَرَتْ بِالْجُوعِ.

تَتَذْكَّرُ كَيْفَ كَانَتْ تَنَامُ عَلَيَّ الْأَرْصِفَةَ عِنْدَمَا كَانَتْ صَغِيرَةً قَبْلَ انْ تَتِمُّ الثَّامِنَةُ مِنْ عُمْرِهَا ، قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ وَ تُصْبِحَ آنِسَةً جَمِيلَةً ، قَبْلَ انْ تُقَابِلُ أُمُّهَا ذَلِكَ الرَّجُلَ الْفَخْمَ وَ الثَّرِيُّ كَذَلِكَ الَّذِي أَغَوَتْهُ وَ تَزَوَّجَتْ بِهِ.

بِالْحَادِي عَشْرَةَ مِنْ آذَارَ قَدْ وَجَدَتْ وَالِدَتُهَا الْجَمِيلَةَ ذَاتَ الشَّعْرِ الْأَسْوَدِ وَ الشِّفَاهُ الْحَمْرَاءُ كَذَلِكَ الْجَسَدُ الْمَمْشُوقُ تَأْتِي بَعْدَ غِيَابِهَا لِيَوْمٍ وَ نِصْفٌ عَنْهَا تَبْحَثُ عَنْ الْمَالِ كَمَا عَادَتْهَا.

إِمَّا بِتَقْضِيَةِ الْوَقْتِ رُفْقَةَ الرِّجَالِ لِتَجَنِّي الْمَالِ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ أَوْ بِالرَّقْصِ أَمَامَ الثَّمَلَةِ بِالْحَانَةِ وَرَاءَ السَّتَائِرِ الْحَمْرَاءِ شِبْهِ الشَّفَّافَةِ بِلِبَاسٍ شِبْهِ عَارٍ.

تُقَدَّرُ تِلْكَ السَّاعَاتُ الَّتِي كَانَتْ تَأْكُلُ بِهَا بِفَضْلِ أُمِّهَا لَكِنَّهَا كَذَلِكَ لَا تُحِبُّ حَقِيقَةً وَ أَصْلُ وَالِدَتِهَا.

تَتَذْكَّرُ كَيْفَ انْهَا عَادَتْ لَهَا بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَ هِيَ مُمْسِكَةٌ بِيَدِ رَجُلٍ أَكْحَلَ الرَّأْسِ ، عُيُونُهُ حَادَّةٌ وَ فَكَّهُ أَحَدٌ ، كَانَ كَبِيرًا وَ طَوِيلًا احْتَاجَتْ تِلْكَ الصَّغِيرَةُ حِينَهَا لِرَفْعِ رَأْسِهَا إِلَيَّ مَا لَا نِهَايَةَ لِتَسْتَطِيعَ النَّظَرَ لِوَجْهِهِ.

أفـرُودِيــت || لِيـسكُــوک حيث تعيش القصص. اكتشف الآن