|١١| عدوى الشمس

36 6 0
                                    


••|أريدك بكل ألوانِك|••

«واو، لا أظنني رأيتكِ أبدًا على الساعة الثامنة صباحا».
علّق "نامجون" بنبرة دراميّة يُغطّي فمه.

«ولا أنا».
أضاف "تايهيونغ" وراقب "سونمي" محتارا من ابتسامتها.

هي في العادة لا تبدأ العمل ككائن بشريّ إلا حوالي منتصف النهار تقريبا، حتى عندما تحضر درس التاسعة صباحا تكون شبه زومبي. لذا رؤيتها بهالة سعيدة وخطوات خفيفة في ذلك الوقت من اليوم كان أمرا غريبا للغاية عليهم، حتى بعض زملائهم الآخرين ناظروها باستغراب.

«هشش! مزاجي جيّد مرة في السنة، دعوني أستغلّه».
نطقت "سونمي" عابِسة لثانية ثم دفعتهما ليركبا الحافلة.

حافلتهم استغرقت ساعة للوصول إلى محطّتهم، قضاها "نامجون" نائما بجوار ضيفتهم "آه شيل" التي تُراجِع لامتحان آخَر بينما تابع "تايهيونغ" و"سونمي" الطريق يتناولان حلواهما في صمت.

وعند جبل ما، توقفت الحافلة خلف سيّارة حمراء وترجّل الجميع.

«ماذا يفعل الأستاذ "مين" هنا؟ ظننت أنه يكره التدريس بقدر ما نكره نحن الدراسة».
تحدّث "نامجون" متفاجئا مجددا.

الأستاذ "مين" أكسَل أساتذتهم -وواحد من الاثنين اللذان لم يتشاجرا معهما بعد-، هو الذي يغفو خلال عرض الطلبة لبحوثهم ولا يُقدّم درسا في الصباح أبدا.

«هل رأيت ابتسامة الأستاذ "جونغ" له؟ سأذهب معه للجحيم بكل سرور إن ابتسم لي بتلك الطريقة».
أجابته "سونمي" تعكس ابتسامة الأستاذ "جونغ" دائم الهالة المشمِسة.

تايهيونغ ناظرها بحدّة وغيرة، لقد صارت مرتاحة كثيرا معه وتُكثِر التغزّل بغيره أمامه ؛ مرة "جيمين"، مرة أستاذهم، مرة أحد الزبائن وأخرى زميلهم، ربما عليه توضيح مشاعره نحوها كي تكفّ عن استفزازه هكذا.

«ماذا عن ابتسامتي؟».
وكشف عن أسنانه في أعرض ابتسامة يقدِر عليها خدّاه.

«اخ، ما أظرفَك!».
لاإراديا، ضمّت وجهه بين كفّيها كمن يُلاعِب طفلا ثم تركته حين سعَل "نامجون" متفاجئا.

«"آه شيل"! أنقذيني. هيا بنا لمكان آخر!».
وأخذ بيد صديقتها ليتقدّما حشد الطلبة الذي بدأ بالسير خلف الأستاذين.

كان الأستاذ "مين" يُشير لكل نبتة وشجرة في طريقهم، يُخبرهم عن أصل اسمها، فوائدها وتاريخها ؛ تفوّه بكلمات أكثر مما تفوّه به خلال الفصل بأكمله. وذلك حتما عائد لحماس الكلّ بهذه الرحلة -خاصة الأستاذ "جونغ"-.

ساروا لبضعة ساعات، يتوقفون في محطات مختلفة للمناقشة. وعندما حان وقت الغداء، وضعوا رحالهم بالقرب من شلال صغير وفرشوا أبسطتهم لتبدأ النزهة.

«يمكنكِ الطبخ؟».
علّق "نامجون" يحاول استفزاز "سونمي".

«لا، حمّلت الأكل من اليوتيوب هذا الصباح...».
ردّت بنبرة ساخرة.

«شكرا ماما سونمي».
تحدّثت "آه شيل" وأخذت صحنها من صديقتها بسعادة.

"سونمي" واصلت فتح الصحون وملأها لكل منهم ؛ كيمباب مختلف الحشوة، نوعان من الكيمتشي، أرز بالتونا والمايونيز، حبات طماطم كرزيّة وأوراق سلطة.

«يمكنكِ الطبخ».
كرر "نامجون" بنبرة صادقة هذه المرة وبدأ حشو فمه بالطعام، بينما أخذ صديقه بضعة عشرات الصور لصحنه من كل الزوايا الممكنة كي يحتفظ بذكرى تناوله ما أعدّت حبيبته بيديها.

مرّت بقية النزهة بجوّ جيّد مِلؤه الضحكات والاكتشافات المثيرة ثم ختمها الأستاذ "جونغ" بمشروع أخير لهذا الفصل كي يُساعد به أي طالب لم يحصل على نقاط كافية للنجاح في مادّته.

المشروع كان موساريوم ؛ نظام بيئي مصغّر مُغلق يتكوّن من أشنات، تربة أو صخور أو جذع شجرة ما، حشرات ضئيلة والكثير من الرطوبة.

المشروع كان موساريوم ؛ نظام بيئي مصغّر مُغلق يتكوّن من أشنات، تربة أو صخور أو جذع شجرة ما، حشرات ضئيلة والكثير من الرطوبة

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

وعلى الكل جمع مكوناته أثناء رحلتهم لذا انقسموا لثنائيّات وبدأوا البحث.

طبعا، بعد نجاح بحوثهما ومشاريعهما السابقة، "سونمي" و"تايهيونغ" قررا العمل معا مجددا دون أن يطلب أي منهما من الآخر انضمامه له. أصبح الأمر تلقائيا بالنسبة لهما، وبدآ مباشر التشاور في أي نوع من الأشنات سيُضيفان وأين قد يجدانه.

«ما رأيكِ بهذا؟».
وأشار لكومة خضراء تُغطّي جذع شجرة مائلة.

لمستها "سونمي" برفق مستمتعة بنعومتها وأومأت له بأن يقتلِع بعضها.

«رائحتها نقيّة للغاية».
قرّبها "تايهيونغ" من أنفه وأخذ نفسا عميقا ثم قرّبها لـ"سونمي" كي تفعل المِثل.

«نعم، أشعر أنها تغسِل رئتاي».
ردّت بابتسامة.

«كما أن لونها جميل جدًا، يغسل عيناي».
أضافت فبادلها "تايهيونغ" الابتسامة.

كان فخورا بملاحظتها ولأنه سببها.

واصلا التجوّل وجمع مكوناتهما في كيس ثم التقيا ببقية زملائهما عند نقطة انطلاقهم الأولى كي يركبوا الحافلة ويعودوا للجامعة.

وكما جاءا صباحا، عادا مساء ؛ "سونمي" بكيس من الحلوى في حضنها و"تايهيونغ" برأسه على كتفها غارقا في نومه وسعادتِه بقربِها.

الببّغاء الأزرق || الدب الشتويّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن