|٠٢| حلوى رمادية

743 104 40
                                    


••| لستَ إلا مجرّد لطخة لون عرضية لكن لِمَ أجدُكَ في كل زوايا لوحتي؟|••

يوم غائم وأكثر برودةً من سابقه، لا يمكنها الجلوس في أيّ مكان غير المكتبة إلى جانب تلك المدفأة المعدنية المُثبتة على الجدار.

يُفترض أن تكون بين دفء سريرها تحت الملاءات المتعددة تُشاهد إحدى الدرامات الكوميدية وتنتحب عندما تُجرح مشاعر البطل أو البطلة، لكنها الآن على وشك النحيب بسبب الواجبات المتراكمة عليها...

تنهّدت نفسًا طويلاً ثم صفعت نفسها بخفة بضعة مرّات حتى تستطيع التركيز.

-إحدى نظريات كيفية بدء الحياة على الأرض تُرجّح أن الطحالب الزرقاء هي أول كائن حيّ وقد تواجدت في محيط حرارته تعدّت الـ 85 درجة مئوية...-

بدأت تُطالع من الحاسوب أمامها ثم ضربت رأسها على لوحة المفاتيح.

«نحن نبحث عن تصنيفات الطحالب البحرية وليس عن أن أصل الحياة! ركزي!!».
تمتمت مُعاتِبة بحدّة ثم فتحت صفحة أخرى لتُشغّل موسيقى تُساعدها على التركيز.

لمح هو من بعيد بوادر انزوائها فسارع للجلوس مقابلاً لها قبل أن تضع سماعاتها وتنعزل عن العالم.

«"سونمي"! أخيراً وجدتكِ، لم تتركِ لي رقمك حتى أتواصل معك بشأن بحثنا».
تحدّث الشاب بينما وضع حاجياته على الطاولة، علامة على أنه أتى ليبقى.

«آه! هذا أنت...».
فاجأها ظهوره المُباغت وكذلك مناداته لها باسمها... هي لا تعرف اسمه الحقيقيّ حتى.

«كيف كان يومكِ؟».
ابتسَم ناحيتها ثم أدرك مدى اتساع بسمته وبهجة نبرته فخفف منهما قليلاً.

«عاديًا... أنا مشغولة ببحث آخر الآن، موعده بعد يومين. لذا، هل يمكننا تأجيل مناقشة بحثنا؟».
ترددت في رفضه، هي بطبعها تكره أن ترفض الآخرين وخاصةً شخصًا مثله تبدو مشاعره بوضوح على وجهه.

على عكس توقعاتها، لم تخمد بهجته ولم يُبدِ نية في المغادرة.

«لا بأس، سأكون هنا إلى جانبكِ إن احتجتِ مساعدة فيه».
أخبرها بهدوء ثم أخفى رأسه في كتابه.

عادت هي إلى بحثها وكتابة الملاحظات لكنها لم تضع سماعتيها كما عادتها، بل وضعت واحدة فقط وأخفضت الصوت لأنها توقعت من الشاب الجالس أمامها أن يتحدث عاجلا أم آجلا ويبدأ معها حوارا ما.

دقائق مرّت عليها وهي تُحاول نُطق الأسماء العلمية لبعض الطحالب البحرية، شعرت أن لِسانها يرتدي كعبًا عاليًا لكثرة تلعثمه، ثم استسلمت ونقلتها إلى دفترها حتى تتدرّب عليها عندما تكون بمفردها كي لا يظن أي شخص أنها تشتمه باللاتينية إن سمِع الكلمات الغريبة التي تتفوه بها.

الببّغاء الأزرق || الدب الشتويّحيث تعيش القصص. اكتشف الآن