لكن زهور الحب بالذات تهز قلبه الذي يخفق بشدة عندما يطالع الوجوه وهي تحمر مشحونة بمشاعر الاضطراب والحب عند تلقي الزهور العاشقة ، الأنامل التي تداعب الزهور تعزف على أوتار قلبه الدامي ، يتنهد عميقا ، ويتمنى لو أن قلبا ما يهديه زهرة حب ، يأخذ الإكرامية ، وينطلق بعيدا .
انتظر طويلا أن تأتيه زهرة ، زهرة واحدة عاشقة ، ولكن ذلك لم يحدث ، وأوشك هزيع الصبف على الانتهاء ، وكاد موسم الزهور ينقضي ، والفصل الدراسي الجديد كان على الأبواب ، دس صاحب متجر الزهور في جيبه مظروفا فيه أجرة الشهر الأخير الذي عمل به ، وأخبره برغبته في أن يعود للعمل عنده في العطلة الصيفية القادمة ، هز الفتى رأسه شاكرا ، وابتعد ويده في جيبه تقبض بحذر واهتمام على الظرف الذي فيه أجرة الشهر .
في الطريق توقف أكثر من مرة أمام أكثر من محل زهور ، كان يقاوم رغبة جارفة ألحت عليه طوال الصيف .
في المساء كان جالسا في بيته في وسط غابة من طاقات الزهور التي حملها العشرات من فتيان الزهور الذين جاؤوا من أنحاء متعددة يحملون له باقات زهور ، ليس عليها بطاقات تعريفية ، كان يبتسم بقوة وبدهشة غريبة كلما استلم باقة جديدة ، هو حقيقة في انتظارها ، وإن كان يبذل جهدا لتمثيل دور المتفاجئ بطاقة الزهور التي من المفترض أنها جاءت على حين غرة ، ثم يدس إكرامية سخية في جيب فتى الزهور الذي يغادر المكان مبتهجا فرحا .
كان يشعر بسعادة غامرة ، وإن عكرها صوت بكاء أمه التي عرفت أن ابنها قد اشترى براتبه كله زهورا حمراء ، بدل أن يدفع قسط دراسته الجامعية .