قطعت حديثها عندما رأت نظرات محمد إليها مليئة بالفضول لمعرفة ما حدث، حدجته بتوتر وهي تعتذر للمغادرة فأوقفها قائلاً:
_"مين يوسف؟".مسحت رنوة بظهر كفها العرق المُتَصبب علي جبينها وما زلت تحدجه بنظراتها المتوترة، قائله بتلعثم:
_"الوقت اتأخر ولازم أنام، تصبح علي خير".همت علي الرحيل هاربة من نظراته إليها، لم تكن مستعدة بعد لسرد ما حدث لها، يخفق قلبها خوفاً عندما تتذكر تلك الأحداث لكن لم يُمهلها محمد الفرصة ولحق بها ليقف قبالتها مانعاً إياها من الذهاب، ليقول مستفهما:
_"ليه كل ما أتكلم معاكي عن حاجه تخص حياتك بتهربي مني، ليه مش مصدقه أني عاوز أساعدك".حدجته بنظرات لم يفهم مغزاها وهي تزفر بقوة، ليتضح له أن الحزن الذي يراه في عينيها لا يساوي شيء أمام الحزن الذي بداخلها، ظلوا علي هذا الوضع بضع لحظات ينظران إلي بعضهم البعض دون ان ينبت أحدهما ببنت شفة، بعد دقائق تنهدت رنوة تنهيده أخيرة قبل أن تقول بعينان تتلألأ فيهما العبرات:
_"عشان أنا أتعودت ان مش كل اللي بيمد أيده ليك وأنت بتغرق بيبقا هدفه أنه ينقذك، ممكن يكون عاوز يستمتع لوقت أطول بمشاهدتك وأنت بتتعذب".
لم تمهله الفرصة ليُجيبها وفرت هاربة من أمامه، بينما هو وقف مشدوهًا لما قالته، هل تقصده بحديثها هذا أم عبرت عن ما بداخلها فقط وقف متحيرًا لكن بداخله حزن لا يعرف كنهه هل يحزن فقط لأنها لا تثق به، ولماذا يُحزنه ذلك، ظل سؤاله عالقا في الهواء لا يوجد له أجابه.
..................................استيقظت غرام منذ الصباح الباكر تستعد للذهاب إلى رنوة قبل أن يرسل "حسن" شخص إليها ليتتبعها، نظرت إلي المرآة نظرة أخيرة وهي تهندم حجابها، التقطت المفاتيح من علي المنضده وهمت بالذهاب لكن أوقفها صوت والدتها قائله بتحذير:
_"أبوكِ موجود في البيت النهارده لو اتأخرتي هتحصل مصيبة، تروحي تديها الفلوس وتيجي علي طول فاهمه".ردت غرام في ضيقٍ:
_"حاضر".لم تمهل والدتها فرصة لتقول شيء أخر وفرت من أمامها سريعًا متجاهلة نظراتها إليها، مسحت الشارع بعينيها لتتأكد من عدم وجود من يتتابعها، و عندما تأكدت أوقفت تاكسي وذهبت سريعًا، و قبل أن تصل العربة إلي العنوان توقف السائق قائلا :
_"مش هقدر أخش جوا بالعربية يا آنسه"._"ليه أن شاء الله".
_"في إصلاحات جوا والشوارع متكسرة".
حدجته غرام بنظرات نارية وهي تقول بنبرة هجومية:
_"ولما أنت عارف أن الشوارع هنا متكسرة وافقت من الأول ليه علي المشوار".
أنت تقرأ
آلام خفية"قيد الكتابة"
Romanceهل تدرك قسوة الحياة وأنت بدون مأوى مشردًا في الشوارع، وما مدى صعوبة البقاء وحيدًا بدون والدين، حتى يتخلى عنك الأقارب و يُصبحون سببًا في مأساتك، لكن ماذا لو عاشت فتاتان كل هذه المواقف وحدهما هاربتان من المصير السيئ الذي يلاحقهما؟