الفصل الاول : 4

4 1 0
                                    

مضت الأيام ثم الاسابيع ثم الشهور ، ولم يسمعوا شيئا من الشرطة ، فذهب علي لملاقاة صديقه القديم أحمد ليعرف منه أخر التطورات في الموضوع ،  وكان أحمد من العاملين بمركز الشرطة ، و قد كان يعمل في مكتب التحقيق  .
إلتقى الصديقان و بدأو بالحديث ، فسأله علي :
- ماهي أخر التطورات في ذلك الموضوع ، ألم تكتشفو شيء   جديدا حتى الآن !؟
- سأخبرك و لكن فلتبقي الأمر بيني و بينك رجاء ..
- حسنا اعدك بذلك .
- ذهبنا لتفقد المقبرة بعد أن اخبرتمونا بالقصة ، و وجدنا احد القبور مختلفا عن البقية ، فقد كان مظهر التراب فوقه مبعتر بطريقة عشوائية كما وجدنا أثار كما لو أن احد كان يحفر بالمجرفة، اقتربنا أكثر و قمنا بالحفر ، فوجدنا العديد من الصور لفتيات و أطفال و رجال ، كما وجدنا قرنين و أرجل خروف وبعض الخرق و أوراق صغيرة ، و كل تلك الأشياء كان مكتوب عليها بالحبر الأحمر ، كتابات غير مفهومة ، طلامس ربما ،  لا أدري حقا ،فلست أفهم في هذه الأمور كما أنها أول مرة أرى فيها شئ كهذا ، لم نعلم مالذي نفعله ، حتى قال لنا أحد الأعضاء لا تلمسو شيئا و اتركوهم ، فلنحضر احد رجال الدين او الشيوخ ليتفحصهم ، وافقنا كلنا على فكرته و خرجنا من هناك..
و رجعنا في الليل للقيام بجولة تفقدية لربما نجد أحد و على أمل أن يرجع المشتبه به إلي مسرح الجريمة كما يفعل كل المجرمين لإخفاء الأدلة ، ولكن ذلك لم يحدث بالطبع ، فقد انتظرنا طويلا و تناوبنا في الحراسة و لم يأتي أو يظهر أحد .
إليك الأمر الغريب و المرعب في كل ذلك
في اليوم التالي أتت إلي المركز  إمرأة طاعنة في السن ،قالت لنا بأنها تريد رؤية المدير،  كانت تلك العجوز  تبدو مسالمة و لطيفة جدا و بالرغم من سنها إلى أن ملامح وجهها تبدو مريحة و لطيفة ، وكانت تبتسم لنا بإستمرار ، إلى أن اخدناها إلى مكتب المدير فتحولت  تلك اللطافة و الهدوء  إلى شر مطلق و بدأت ملامحها تتغير و تتحول من ملامح مريحة لطيفة إلى ملامح بشعة مخيفة ، أقسم لك بأن حتى عيناها الصغيرتان قد تغير شكلهما و أصبحو جاحضتين و اصبح لونهما أحمر ، قالت لنا بصوت خفيف مبحوح يكاد يسمع ، اسمعوني جيدا ، اقسم لكم انكم ان لم تتوقفو عن التحقيق في قضية المقبرة ، فإنكم ستندمون أشد ندم ، وليكن في علمكم أنني استطيع قتل أي شخص كان بمجرد معرفة إسمه و كتابته ، و بالتأكيد اعرف أسمائكم و أسماء جميع أفراد عائلتكم فردا فردا ، و قالت بلهجة ساخرة  فلا تفعلو شيئ غبي لكي لا تندمو و خرجت من المكتب  ثم إلتفتت لنا و قد تغير شكلها مجددا فقد عادت بهيئة العجوز الطيبة و ابتسمت لنا و غادرت ، و تركتنا في حالة صدمة و ذهول ..
شعر علي بخيبة أمل كبيرة و حزن شديد بعد إستماعه لما قاله له أحمد ،  فقد علم بأن أعضاء الشرطة لن يفعلوا شيئا لإيقاف هذه العجوز اللعينة التي و كما يبدو أنها قد باعت نفسها للشياطين ، و سمحت لهم بتملكها ، و أصبحت تمارس أساليبهم البشعة في السحر و تطغى في الارض و تزهق الأرواح و تعذب الأبرياء ، و ظل يفكر في كلام احمد محدثا لنفسه
مالذي سافعله الأن !؟  لا استطيع اخبار أحد من أصدقائي  ولا  بإمكاني التصرف حيال الأمر حتى ،  فحياة صديقي احمد مهددة بالخطر ، و اذا أخبرت احدا أو فعلت شيئ غبيا  ستقتله تلك العجوز الشمطاء ، تبـــــــــا مالذي سافعله؟
مرت الايام و ازدادات الحالة النفسية لعلي بالتدهور ، و ذلك من شدة التفكير المفرط و القلق والأرق الذي كان يعاني منه ، فأصبح هزيلا ، شاحب الوجه ، شاردا تحيط بعيناه السواد ، كما أصبحت عظام فكيه و ووجنتيه ظاهرتين بعد فقدانه للوزن ، صدق الذي قال إن مشاعر المرء وصحته النفسية تنعكس و تظهر على وجهه..
فقد كان علي يعتني بمفرده  طيلة تلك الأيام و لم يستطع مشاركة أحد بمشاعره و أفكاره ، لم يكن يتحدث مع أحد إلا مع تلك الاصوات اللعينة التي تخرج من راسه ، فقد كان في صراع  في الإختيار  بين التضحية بحياة صديقه العزيز أحمد و عائلته ، او التضحية بحياة جميع أولئك الناس اللذين كانو في تلك الصور التي وجدت في ذلك القبر و غيرهم ، ممن لم نكتشف وجودهم بعد ، و تركهم غافلين عما يحدث لهم ، و مشاهدتهم و هم يعانون و يمرضون و يموتون بسبب السحر الذي لعنوا به ، و كل ذلك من فعل تلك الشيطانة ..
ولكنه كان يواسي نفسه و يقول :  لا ذنب لي في ما يحدث لأولئك الناس ، ففي النهاية أنا مجرد عبد ضعيف لا حول لي ولا قوة ، كما أنني لا اعلم حتى هوية او شكل تلك الحقيرة ، عكس أعضاء  الشرطة اللذين  يعلمون بكل شيئ ،  و لايريدون اخبار الناس بالحقيقة أو حتى محاولة وضع حد لها  ، بل ظلو يتسترون عنها و عن أفعالها ، متحججين بالخوف على أنفسهم و أطفالهم  من ان يصيبهم مكروه ، و لكن ألا يعلمون بأن الله أقوى و اكبر من اي شخص في العالم ! عجبا لذلك ، يبدو أنهم مجرد جبناء ضعيفي الايمان ،
نعم وجدتها ، لقد وجدت الحل ، سأبحث عن أشخاص مؤمنين بالله إيمانا حقيقيا قويا و لا يهابون غير الله، و سأبحث عن تلك العجوز و أحرقها ، فقتل السحرة حلال كما تعلمون ،
لن أسلك ذات الطريق الذي سلكته الشرطة ، فهم ليسو مجرد أشخاص جبناء ضعيفي الإيمان ، فلو كان إيمانهم بالله قوي لما إرتعبو من تلك الساحرة كل هذا الرعب ولما سمحوا لها بالتطاول عليهم بهذه الطريقة ، فهم اللذين سمحوا لها بالتجبر و الطغيان و جعلوها تشعر بأنها أقوي منهم جميعا وأن لا شي ولا أحد يمكنه إيقافها ..
ولكنهم أغفلو أن الله تعالي هو الجبار القوي الواحد الوحيد الذي يملك كل القوة في هذا العالم ، فإن أمنتم به و توكلتم عليه فلن يستطيع أحد إخافتكم ، و لن يصيبكم شي الا ما كتبه الله عليكم ، فلا تخافوا و اطمئنو ..

العوالم الخفية للبشر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن