الفصل الأول : 3

5 1 0
                                    

أما علي فقام بالإتصال بعمر و سالم لإخبارهم بالذهاب إلى مقهى المدينة ليلتقوا و يتحدثوا ، ما أن أنهى من إجراء إتصالاته ، نزل إلى الطابق السفلي للمنزل و إتجه نحو المطبخ ، مرددا في قرارة نفسه بالتأكيد أمي قد أعدت لي الإفطار قبل ذهابها إلى عملها ، و فعلا وجد بعض الفطائر الشهية التي يحبها ، و كأس قهوة فوق طاولة الأكل وكانت القهوة لا تزال ساخنة و يخرج منها  البخار، إرتسمت إبتسامة بريئة على وجه علي الجميل ، تناول وجبته سريعا ثم توجه خارج المنزل و ركب سيارته و قاد متجها للمقهى الذي سيلتقي فيه بأصدقائه ،لم يكن المقهى بعيدا عن بيت علي و لكن إزدحام الطريق هو ما يجعل المسافة تصبح أطول ، ترجل علي بتهور و زاد في سرعة السيارة كعادته لإجتياز السيارات البكيئة التي كانت أمامه وهرب من الازدحام، حتى وصل أخيرا إلى المقهى ليجد كل من عمر وسالم  و محمد واقفين في واجهة المقهى ينتظرون قدومه بلهفة..
خرج من السيارة ضاحكا و صرخ  بصوته الرجولي الخشن المفعم بالطاقة و الحيوية.

- صباح الخير ياجماعة ان شاء الله غير ماعطلتش عليكم
- عمر :شن لي ماعطلتش علينا تي صارلنا هبوط و احني نستنو فيك..
- علي: اسس اسس بلا كذب هههه

و دخل جميعهم إلى داخل المقهى و جلسو في الطاولة رقم 5 الموجودة داخل الشرفة ، والمطلة على منظر الجبال الشاهقة و الأماكن الأثرية في المدينة ليستمتعوا بالمشهد الذي أمامهم بينما يحتسون القهوة.
طلبو من النادل أن يجلب لهم أربعة اكواب قهوة و أربعة زجاجات ماء ، ومنفضة سجائر.
- سالم : هيا يا محمد و علي فلتخبرونا بما حدث معكم بالأمس فإني متلهف لمعرفة ما فاتنا .
- علي : صدقني إن الأمر جنوني يا صاح ، فبعد أن ذهبتم بقينا انا و محمد فقادنا الفضول و وجدنا أنفسنا داخل أسوار المقبرة نبحث عن صاحب الظل الذي رأيناه يدخل للمقبرة أمام أعيننا ، لنكتشف بانها قد كانت عجوزا مخيفة بشعة المظهر ،طاعنة في السن  ، فقد كانت تبدو من مظهرها بالتأكيد أنها عجوز ضعيفة بالرغم من بشاعتها  ولكنها تحولت إلى فتاة صغيرة بمجرد أن علمت بوجودنا خلفها فقد بدأت تركض بسرعة جنونية لا تستطيع تخيلها حتي ، اندهش سالم و عمر ، و اكمل علي كلامه ،انتظروا فالأمر المدهش حقا أنني توقفت لوهلة ثم في لحظة حماس و إنفعال أمطرت عليها بوابل من الرصاص ، ولكنها تمكنت من الهرب من كل تلك الرصاصات القاتلة ، الا رصاصة واحدة قد نجحت في مهمتها و استقرت في ساقها ، ولكن عبثا فتلك الرصاصة فلم  توقفها أو تسقطها ارضا، بل اختفت أمام أعيننا  ولم يعد لها اي اثر.
و تركتنا انا و محمد خلفها مذعورين و غير مستوعبين للذي حدث، فانه لشي جنوني الذي حدث ، فلا يمكن لشخص بشري أن يمتلك هذه القدرة الهائلة من القوة و السرعة لتفادي الرصاص و عدم التأثر بإصابة رصاصة ، فهل يعقل أن تكون من الجان ياترى ؟
اندهش ستلم و عمر و لم يجدو ردا يقال عن تلك الاحداث الجنونية .
عم الصمت المكان لوهلة ، ثم قال محمد
- ما رأيكم  أن نذهب الى مركز الشرطة و نحكي لهم ما جرى ليحققو في الأمر و يتفقدو المقبرة ، فربما يكون الأمر اكبر بكثير مما نتخيل .
وافق الفتية على فكرة محمد و قررو الذهاب إلى الشرطة ليقصو لهم القصة بالتفصيل، وفعلا  كان هذا ما حدث ، فقد ذهبو الى مركز الشرطة وقص كل منهم ما جرى و كانت أقوالهم متشابهة مما جعل عناصر الشرطة تصدق القصة بسهولة بدون أن يعتريهم الشك ، ففي الغالب حينما يأخدون أقوال الشهود الواحد تلو الاخر ، دائما ما يجدون تناقض في أقوالهم ، فأحيانا ما يكون هناك إما نقص أو زيادة في القصة مما يجعلهم يشكون في  صدقهم ، و يستنتجو بذلك  أن أحدهم يكذب أو أنهم زيفوا القصة ، فلو كانو صادقين لما كانت أقوالهم مختلفة و متناقضة  بالرغم من تواجدهم في نفس المكان و رؤيتهم لنفس الأمر..
دعنا من ذلك الٱن ، .. إذا بعد إخبارهم للشرطة بالقصة ، تركو الأمر لهم معتمدين عليهم في إجرائهم التحقيقات حول الموضوع ، و إستئصال الحقائق و الوقائع في تلك الحادثة ، لينعمو هم بالهدوء و السلام و يعودوا إلى حياتهم المسالمة المرحة و الهادئة..

العوالم الخفية للبشر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن