بِدايةُ النُقم

100 10 8
                                    

_بِريانا فَتاتي أينَ انتِ؟ قالَ رَجلٌ في عَقده الرابع ذا بَشرةٍ سَمراء وَعَينان سوداوان كَديجور لَيلةٍ في ديسمبر ،صاحِب شَعرٍ اسودٍ كَثيف تَناثر عليهِ بَعض البياض في شُعيراته.
_ أنا هُنا يا أبي! إندفعت طِفلةٌ إليه محتضنةً جِذعه ولم يَتبين شكلها حَتى رَفع رأسها بريانا ذات  الثلاثة عشرةِ سَنة  شبيهةٌ بوالدها كما تقول إلا أن شعرها كانَ غَجرياً مُنساب على ظَهرها على عكسِ والدها ذا الشعرِ الناعم .
_ماذا قُلتُ لكِ عن تَركِ شَعركِ مفتوحاً ؟ قالها بغضبٍ طَفيف وقلقٍ أكبر.
_هَيا يا أبي لايوجد احدٌ هُنا . قالت بِتذمر
_لا يَهم فالمفاجآتُ تأتي على حينِ غرة وأنا لا اريدك أن تتأذي.قالها بألم وهو يربطُ على شَعرها شالاً حَريرياً غطى شَعرها العَنيد بأكمله.
_اتأذى؟ مِن ماذا ولِماذا؟ قالت بِحزن
_سَتعرفين لكن عِديني انكِ لن تتركيه مفتوحاً مُجددا . قالها بقلقٍ
_اه حسناً يا أبي اعدُك. قالتها بِتذمر طَفيف
_ تَذكري يا ابنتي الوعود لا يجبُ أن تُكسَر أبداً. قالها بِتشديدٍ على كل كلمة.
_حَسناً سأتذك. قوطِع كَلامها بِطرقٍ قوي يَكادُ أن يخلعَ الباب ،القت بريانا نظرةً سريعة على اباها  فوجدته يُسارع على حملها وادخالها إلى خِزانة في صالةِ المنزل
_ لا تُحدثي اي صوت وتَذكري يا ابنتي (الوعود لا يجبُ أن تُكسَر أبداً) .
_ حَسناً. قالتها بخوفٍ شَديد وهي تَراهُ يبتعد  مُغلقًا باب الخزانة سائِرًا بهدوء نحوَ الباب
نَظرت مِن  إحدى شقوق الخزانة القَديمة وَرأت اباها يفتحُ الباب بِكلِ هَدوء عَلى عكس قلقهِ قبلَ ثوانٍ معدودة، تَقربت أكثر لِكي تُنصت بِوضوح
_ادخُل .قالها بِهدوءٍ مُريب لِبريانا
وتَبين مَن دَخل، شخصٌ في مُقتبلِ العُمر يرتدي قميصاً اسود طاوياً كُماه وتبين من يدهِ البيضاء وَشم يوحي بأنهُ لِمنَظمة ما كان الوشمُ اسودَ اللون أيضاً دائري الشكل في داخلهِ قارورةٌ مَكتوبٌ عَليها شِعارٌ يَقول ( العَبث مع الزَعيم يَعني العَبث معَ الجميع )
_يقولُ الزعيم انكَ قَد خُنتنا وتَعرفُ ما جزاء الخائنين أليس كذلك؟ قالها ذا القميص الأسود بهدوء
_ نَعم، وأرسل لزعيمكَ تحياتي يا جُرذ الزعيم. قال اباها بأستهزاء
_ تَباً لكَ يا خائِن! قالها بغضبٍ شديد وهو يصرُ على اسنانه مُخرجًا من جيبه مُسدساً قَد رُكِبَ عليهِ كاتِمٌ للصوت وَ......
ببساطة اردى والِدها قَتيلاً.
أطلقت بريانا الصَغيرة صرخةً وتداركت نفسها كاتِمةً إياها في مُنتصفها
ولكنه ولسوءِ الحظ انتبه لتلكَ الصَرخة المَكتومة وما إن اقترب يبحثُ عن مصدرها رنَّ هاتفه أخرجه من جيبه مُجيباً على المُتصل مَجهول الهوية مُتوقفًا في بُقعة تبعد عِدة سنتيمترات عن مَخبأها أغلقَت عيناها اللامِعة .زاحفةً للخلف حَتى ارتطمت بنهاية الخِزانة،تَسارعت دقات قلبها وهيَ تسمعُ خُطاه تتقدم نحوها وهو يتحدث على الهاتِف 
_نَعم سَيدي انتهت المهمة بِنجاح لا ليسَ هُناك أثرٌ لأيِ إقتحام ٫ أاا قال أنه يرسل تحياته لك قالها بتردد وصمت لبضع ثوانٍ لأنه وكما يبدو يتلقى توبيخاً.
_ حَسناً سَيدي أنا في طريقي إليك. قالها مُسرعًا نحو الباب وَخَرج غالقاً الباب ورائه٫أطلقت العنان لأنفاسها و سيل دموعٍ عَلى والِدها الذي أُردى امامها إحتاجت بضعة دقائق تحولت لأكثر من بضعة دقائِق لكي تستوعب ما حَدث والِدها،قاتِله وَهيَ، بعد إستيعابها لهذه الأمور فَتحت باب الخزانة مُتجهةً نحوه وهي تَمسح دمعها الذي توقف حينَ رؤية والِدها القَتيل كأنها لم تراه داخِل الخزانة سَقطت عليه تحتضنه وشددت على الحُضن حين التمست برودة جسده ظنًا منها انه سيعود إلى الحياة على دموعها التي أُحيت مِن جديد وَاخذت مجراها على ملابسهِ ودِفئ حُضنها
،ما إن تسللت أشعة الشمس عَبر الستائر تُرينا جُثتان جُثة أبٍ وَجُثة أبنةٍ غادرت روحها القَديمة إلى الصَعيد معَ أخر حُضنٍ ودمعةٍ من عينيها، إستيقظت في حُضن والدها الذي أزداد بُرودةً، إنتصبت أمام جُثته وهي تنظر إلى عيناه المفتوحتان اللتان تنظران إلى السقف كأنها تُعاتِب السَماء على تَركهِ يموت أمام أعينِ أبنته ذات الثلاثة عشرة بَدلًا مِن إنقاذه.
_اعِدكَ يا أبي بأنني سأنتَقِمُ لَك. قالَتها مُغلقةً عيناه السوداوان كأنها وبلمح البصر كَبرت سَنواتٍ طويلة.

لِرَوّاسي.ع.غ

نقم المليحةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن