الفصل الثالث عشر -١٣-

24.8K 750 58
                                    

[وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء]
"الفصل الثالث عشر" -١٣-

- مفيش أجمل من دا صباح، الصبح إللي أقوم فيه من النوم على صوتك..
دا أجمل صباح مرّ بحياة يعقوب كلها..

همس بها يعقوب الذي يقف بالشرفة مع شروق الشمس، فقد استيقظ على صوت رِفقة تتلو القرآن بالشرفة الملاصة لنافذة الغرفة التي كان ينام بها بالشقة المجاورة..
استغل الفرصة وركض حيث الشرفة ليقف يستمع إليها بشغف وعشق شديدين وهو يتسائل بداخله ما الذي قام به في حياته لينال تلك النعمة العظيمة ألا وهي رِفقته...!!
نعم... فهي لهُ نِعمة لا تُقدر بالأثمان، فإن كانت هي جزاء صبره على تلك السنوات المريرة فدعهُ يُقبل تلك السنوات عامًا عام وشهرًا شهرا ويومًا يوما حتى ودقيقةً دقيقة ولحظةً لحظة إذا كان ثوابه في النهاية .... رِفقة..

بينما رِفقة فقد استيقظت قبل شروق الشمس بحماس لم تبلغه من قبل بحياتها، أدت صلاة  الفجر بصحبة نهال .. انفرط شغفها متحمسة للجلوس بالشرفة التي وصفتها لها نهال أمس بأنها مليئة بالزهور والزروع...
جلست بحماس في تلك الأرجوحة المجوفة وهي بقمة سعادتها وهي تشتم رائحة نسمات الصباح المختلطة برائحة الزهور بنهم ثم فتحت مصحفها الخاص بالمكفوفين وأخذت تُردد صورة البقرة بصوتٍ خاشع رقيق وهي تتحسس الصفحات بأصابعها غافلة عن هذا المتلصص...

وبمجرد أن انتهت من الترتيل ومن ترديد أذكار الصباح كانت تشعر براحة كبيرة وطاقة عالية..
أتت نحوها نهال تضع فوق المنضدة الصغيرة كوبان وبعض البسكويت وهتفت وهي تجلس:-
- لقيت هنا نسكافيه بالفانيليا قولت أعملنا كوبايتين أنا عارفة إنك بتعشقيه وللصدفة العجيبة لقيت بسكوت بالحليب إللي بتعشقيه..

وأكملت بمكر:-
- أكيد دي كلها مش صُدف .. شكل يعقوب عارف إنتِ بتحبي أيه وجايبه..

تنهدت رِفقة وأردفت بتحذير:-
- اصطبحي يا نهال..
وبعدين ينفع نشرب كدا مش المفروض كنا عرفناه على الأقل..

وضعت نهال الكوب بيد رِفقة وناولتها بعض البسكويت وقالت وهي ترتشف بلامبالاة:-
- يا أختي الجدع هيبقى بعد كام ساعة جوزك وتقولي نستأذن ... دا ده بقاا بيت صاحبتي يا بت يا رِفقة ... خلاص أنا بقيت من أهل البيت يا عالم..

رددت رِفقة ببعض التوتر:-
- ربنا يستر..

تسائلت نهال بخبث:-
- بس قوليلي يا بت يا رِفقة .. صاحية يعني النهاردة بدري وبقمة نشاطك وحيويتك، أنا حاسه إنك معرفتيش تنامي من الفرحة والحماس واضح واضح عليكِ ...دا كله تأثير يعقوب وكتب الكتاب.!

أصاب قلب رِفقة الاضطراب لكنها تصنعت الإمتعاض تواري بِه هذا الشعور وأردفت بسخط:-
- إنتِ عارفة إن طول عمري بصحى في الوقت ده  يا قدري البرتقالي علشان ألحق أعمل روتيني الصباحي...

هنا تذكرت نهال شيئًا ما لتتسائل بفضول:-
- ألا قوليلي يا رِفقة إنتِ كل يوم بتقرأي سورة البقرة ... وبتلحقي تخلصيها دي كبيرة أوي..

«وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن