-الخاتمة-

42.8K 963 179
                                    

[ وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء]
-"الـــــخـــــــــاتــمة"-
"نحنُ للأبد، نحنُ قصة لا نهاية لها."

عينيها المتسع حدقتيها توزع النظر بينهم ببطء وقد انبجست الحياة بوجهها المُشرق، تشعر أنها تسير بجناتٍ ألفافًا، احتشدت المشاعر داخل صدرها ورددت بإرتعاش دون تصديق:-
- بابا ... وماما ... أنا شايفه صح...

بينما نرجس ويحيى استقاما وهما ينظران لها بشوق أعيا قلوبهم، أعينهم تجري على ملامح ابنتهم التي تغيرت كثيرًا، والأعظم من هذا أعينها..
إنها ترى..!!

ارتعشت أقدام نرجس شاعرة أن قلبها يكاد أن يُهاجر صدرها، كررت بجنون وهي تقترب من رِفقة تُسرف في النظر إلى كل قطعة بها ويديها المرتجفة كورقة يابسة يتلاطمها الماء امتدت لملامسة وجهها:-
- رِفقة .. بنتي حبيبتي .. قولتلك يا يحيى هي عايشة ... قولتلك عايشة ... أنا قلبي كان حاسس أنا كنت واثقة إن ربنا مش هيخذلني ..  مش هيخذلني أبدًا..
ربنا مخذلنيش يا يحيى .. ربنا مردش إيدي خايبة...

هبطت دموع رِفقة أفواجًا وهي تتأمل والدتها ورفعت يدها دون تجمجم تتحسس والدتها وهي تردف من بين بكائها:-
- ربنا مخذلناش يا ماما ... ربنا مخذلنيش أنا كمان .. حاشاهُ .. حاشاهُ ... حاشاهُ..
أنا كنت واثقة ... والله كنت عارفة...

وإلى هنا انسحبت كل المسافات وغمرتها والدتها بعناق بعد فراق سنوات مريرة، تحتضنها بقوة وكأنها ماء سيتسرب من بين أصابعها، امتزج صوت بكائهم فاقترب يحيى يغمرهم بأحضانه ولم يستطع تماسك نفسه من البكاء وظل يُردد بينما يُقبل رأس رِفقة بحنان قائلًا بحمد وامتنان:-
- اللهم لك الحمد يارب لك الحمد يارب العالمين..
يا حنان يا ذا الجلال والإكرام يا ملك الملوك ... يا ملك الملوك...

أصبحت رِفقة الآن بين والديها تحاوط والدها بذراع ووالدتها بذراع وهم يحاوطنها متشبثين بها ببأسٍ شديد..
همست وهي تنعم بهذا الدفء الذي حُرمت منه لسنوات، هذا التحنان التي لم تتذوقه بعد رحيلهم منذ سنوات إلا عندما جاء يعقوب، لكن أي شيء يُقارن بهذا الذي هي به الآن..
- بابا .. ماما .. كنت عارفة إنكم هترجعوا، وحشتوني أووي يا غاليين على قلبي، كنت من غيركم غريبة ... غريبة ولوحدي..
انتظرتكم كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة وكنت واثقة إنكم هترجعوا..

وبعد ما يقارب العشرون دقيقة ابتعدوا عن بعضهم أخيرًا فأخذ والدها يُقبل رأسها بحنان بينما والدتها تربت على ظهرها برِفق..
نظرت لهم رِفقة بإبتسامة واسعة لتقول بحماس وهي تدور حول نفسها:-
- أنا النهاردة أسعد يوم في حياتي ...معتدش محتاجة أي حاجة من الدنيا دي..

ثم انحنت تضع جبينها فوق الأرض تسجد سجدة شُكر مطولة تبعها كلًا من نرجس ويحيى..
رفعت رِفقة وجهها ثم نظرت لهم مرةً أخرى بتأمل فهي إلى الآن لا تصدق ما تراه ولا ترتوي من رؤيتهم..
ألقت نفسها بأحضانهم بمرح لترتفع ضحكتاهم السعيدة والآن قد انبثق الفجر الحق..

«وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن