الفصل الثاني والعشرون -٢٢-

22.2K 737 37
                                    

[ وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء]
"الفصل الثاني والعشرون" -٢٢-

رجت الصدمة كيانه حين وجد مكانها خاليًا إلا من صدى صوتها المستغيث الذي يتردد بأذنه وعقله، ونداءه المُعلق الذي لم يجد له إجابة..
إنها نهاية بلا قاع..
خيم عليه صمت عجيب يعتريه فراغ وهو يقف خائر اليدين يُكلله العجز المقيت..
الفزع يحتضن ملامحه وقلبه يجأر بشدة يشعر بطرقاته بعُنقه وبكل عروق وجهه المنتفخة...

سار وتجاوز سيارته حيث الطريق الرمادي، ثم جلس على عقبيه ينظر للأثار التي تركتها إطارات السيارة التي تبخرت ليعلو الغضب وجهه وقد علم على الفور من مدبر تلك اللُعبة القذرة..!
جرى غضب سعيري بجسده وهو يشعر بصدره يكاد ينفجر من مشاعر الغلّ التي ملئته.
قبض كفيه حتى انبلجت عروقه، زمجر بغضب وهو يطرق بيده على مُقدمة سيارته بملامح وجه أصبحت مرعبة تتوعد بالويلات..

صعد لسيارته ثم انطلق بسرعة جنونية تحمل بين طياتها أطنانٍ من الحقد والإهتياج..

بعد قليل جدًا كان أمام إمبراطورية آل بدران للإلكترونيات..
هبط من سيارته مغلقًا الباب بقوة أحدثت فرقعة شديدة، وبخطى جحيمية ووجه مُظلم مُغلف بقسوة مُرعبة كان يدلف للمرة الأولى بعد سنوات طويلة من الباب الرئيسي  متجاهلًا تحية رجال الأمن الذين وقفوا بإحترام رغم صدمتهم لرؤية يعقوب بدران هُنا...

كان طريقه معروفًا نحو غرفة العرض لإنتاجات المؤسسة، أجهزة تُقدر بمليارات الدولارات..
لم يجرؤ أحد بالوقوف بوجهه وهو يسحب بيده قطعة طويلة من الحديد ويضرب الباب الإلكتروني بقدمه قبل أن يضع بصمته على موضع ما فانفرج الباب يُفتح ولم يتمهل ثانية وهو يهبط بعزمه كله فوق جميع الأجهزة بكل الكبت والحقد والألم والوجع والرعب الذي يأكل قلبه على حبيبته...
كان يحطم كل ما تطوله يده من غالٍ وثمين وهو يُدرك خطورة ما يفعله وكم الخسارة الطائلة التي ستحط على لعنة بدران تلك...

انطلقت صوت الأنذرات تدوى في جميع أركان الصرح العظيم ليهرول الجميع برعب وهم يدركون ما معنى هذا الإنذار...
كان على رأسهم لبيبة بدران التي رغم توترها الداخلي كانت ملامحها ثابتة جامدة...

وقف الجميع بصدمة وأعين جاحظة وهم يرون آخر شخص توقعوه....
المهندسون والمصممون ينظرون للأجهزة المُهشمة لألآف القطع أرضًا والتي لم تعد تصلح سوى للقمامة...

توقف يعقوب أخيرًا بصدر يعلو ويهبط بجنون وأنفاس متسارعة بينما العرق يقطر من وجهه وجسده حتى ابتل قميصه الأسود...

جاء بعض رجال الأمن للسيطرة على يعقوب وهم يرفعون السلاح بوجهه، لكن لم يُسمع سوى صوت ارتطام السلاح بالأرض وصدى قوي لصفعتان قويتان على وجه الرجلان، ولم يكن صاحبتهما إلا لبيبة بدران التي أصبح وجهها يبث الرعب في قلوب الجميع..
تعالَى صوت هدرها تصيح بصوت قوي جهوري:-
- إزاي تتجرأ وترفع السلام في وش يعقوب باشا وهو في بيته يا مجرم ... فهمني جبت الجُرأة دي منين .... يا ويلك مني...

«وخنع القلبُ المتكبر لِعمياء» حيث تعيش القصص. اكتشف الآن