بداية أم نهاية

285 6 5
                                    

بداية ام نهاية

كان يوم جميل مشمس في نهار يناير البارد الذي تدفئه حرارة الشمس الجميلة التي لا تجدها سوى في مصر، في وسط القاهرة العاصمة الجميلة تحديداً في شارع المعز... الشارع القديم الذي يجعلك تعود بالزمن الي وقت قديم بمبانيه القديمة و ارضيته المرصوفة بعناية و شكله الرائع.

ضجيجه الغير مزعج بالمرة.. بل علي العكس يجعلك تشعر أنك بأكثر مكان به صحبة و وناسة علي وجه البسيطة.

يشغله ناس من كل الاصناف و الانواع....
فبعضهم مجموعة أصدقاء جالسين علي مقهى شعبي و صوت ضحكاتهم يملئ الدنيا بهجة..
و بعض الطلبة من كلية الفنون الجميلة يصورون و يرسمون المباني التي يصل عمرها لمئات السنين بإنبهار شديد.
و كان رجلاً مسناً يمشي بإبتسامة تزين وجهه... بالكاد يمكنك أن تلاحظ حركته البطيئة هو و زوجته التي تمسك بذراعه و كأنها تمسك بكنز قيم ثمين تخاف عليه من الضياع، يتعكزان علي بعضيهما البعض بعد أن أديا رسالتيهما مع اولادهما.. فترى نظرات الحب بينهما فتولد إبتسامتهما لديك الأمل في الغد و أنه في يوم من الأيام يمكنك أن تجد نصفك الأخر الذي يسير معك دون ملل ولا كلل...

و أسرة صغيرة مكونة من زوج و زوجة و طفل لم يكمل عامه الاول...
الاب... خالد يبلغ الثلاثون من عمره موظف حكومي في إحدى المصالح الحكومية لم يكن جسده رياضي او قوي كان جسده ليس طويلاً و لكنه كان رفيعاً جداً ذو بشرة سمراء مصرية.
و الزوجة ملك و هي بطلة الرواية تبلغ حوالي ال 20 ربيعاً وصلت بتعليمها للثانوية العامة بمجموع 94 % ،دو لكنها لم تكمل تعليمها لأنها تزوجت مباشرة بعد اختبارات الثانوية العامة..
كانت جميلة جداً تسحر من يراها ، عيون كحيلة و رموش طويلة و شعرها البني بخصلات صفراء قليلة بلون ضوء الشمس و بشرتها البيضاء الجميلة، أما جسدها فيعتبر ضئيل لكنه أنثوي رقيق.

كانت هذه الاسرة الصغيرة تمشي في شارع المعز ببهجة و فرحة لم تزرهم من قبل و كانت ضحكاتهم صافية و حقيقية للغاية...

ملك(بفرحة): ياااه يا خالد... انا بجد مش مصدقة نفسي ، بقي معقولة انا و انت و سيف المسكر دة خارجين نتفسح و مبسوطين كدة و بنضحك و نهزر... بجد مش مصدقة نفسي.
خالد: لا يا حبيبتي صدقي.. انا بجد ندمان اوي علي كل لحظة ماعرفتش اسعدك فيها، و ندمان على كل مرة زعلتك فيها.. سواء انا او اهلي..
لكن معلش كله يتعوض، صدقيني انا خدت عهد علي نفسي اني اعوضك عن كل حاجة وحشة عملتها معاكي قبل كدة.
ملك(بامتنان): و انا مسمحاك علي كل حاجة، يا خالد انت في اسبوع واحد قدرت تنسيني اللي حصل في السنتين اللي فاتو.
خالد(أمسك يدها بحب): ربنا يخليكي ليا يا ملك.
ملك:و يخليك ليا يا خالد(بابتسامة)و يخليلنا سيف العسل ده.

و الذي ضحك بطفولة و مرح...

استمروا في السير و الضحك و سط جميع رواد الشارع، و فجأة حدث هرج و مرج كثير، أصوات عالية تبعت صوت إنفجار عالي جداً ، شرع الجميع في الركض بلا هدف في كل مكان، و ركضت ملك أمام زوجها الذي دفعها حتى يحميها و ينقذها من الدهس تحت أقدام الناس.. و كان هو يحمل ابنهما و في لحظة نظرت هي خلفها لتجد نفسها تركض وحدها و لم تجدهما، ارتعبت بشدة عليهما.

قررت العودة لهما مرة أخرى لكي تبحث عنهم، كانت تسير عكس الناس فقد كان الجميع يهرب من أصوات الدمار أما هي فقد كانت تركض تجاهها ، ظلت تركض و هي تبحث عنهما يميناً و يساراً تصرخ بإسميهما و ظلت تبحث عنهما كثيراً حتي وجدتهم...

لم تصدق عينيها من الصدمة، كانا واقعين علي الأرض غارقين في بحيرة من الدماء ركضت نحوهما و بهدوء مدمر نابع من صدمتها من منظريهما.. إقتربت و حاولت أن تفيقهما و صرخت بأعلي صوت لها عندما لم يستجييا لندائها...

ملك: خالد.. خالد رد عليا انت نايم ولا إيه (اخذت سيف من حضنه) سيف رد عليا يا حبيبي.. رد عليا يا قلب ماما فتح عنيك ماتخوفنيش عليك كدة.. ردو عليا.. خالد.... لااااااااا ..

لكن للأسف لم يكن هناك اي رد ، فقد ناما الاثنين.. للأبد.
فقد تركها زوجها الذي قد بدأت ان تشعر معه بالحياة و السعادة و حلاوة الدنيا، و ابنها الذي لم تتفتح عيناه علي الدنيا حتي.

غريبة هي تلك الحياة، فإنها تسير بشكل جيد جدا و مرتب و دون اي عقبات و هي قاسية.. و لكنها بمجرد ان تحن تقف و يتوقف معها عمرنا.

مر بعض الوقت..
و بعد الحادثة بفترة ليست قليلة قررت ملك أن تكمل تعليمها، فالتحقت بكلية الآداب قسم علم النفس، و بما انها كانت أم و زوجة شهيدين في حادث إرهابي فقد استغلت ذلك في البحث عن واسطة كبيرة تسمح لها بأن تدرس عامين دراسيين بعام واحد، فأنهت دراستها بعامين فقط بتقدير عام امتياز و مع مرتبة الشرف الأولى و قد تم تعينها في كلية الاداب كمعيدة.

أكملت دراسة الماجيستير و بدأت في تحضير للدكتوراة، لم يكن للواسطة الفضل الأكبر في ذلك بل أيضاً لأن ملك كانت مجتهدة بحق، تخصصت في رسالة الماجيستير في علم النفس الجنائي مما أتاح لها الفرصة للعمل في وزارة الداخلية بدوام جزئي و كانت تفضل العمل في قضايا الارهاب و السلاح و أحيانا المخدرات لإيمانها القوي بأن هذه الجرائم هي ما قتلت زوجها و ابنها.

و عندما أثبتت جدارة في القضايا الموكلة إليها تم استصدار قرار  من وزير الداخلية شخصياً و بتوصية خاصة من بعض القيادات بالوزارة طبعاً بتعينها بصفة مستشارة استراتيجية في الوزارة الي جانب عملها كمعيدة و دراستها لتحضير الدكتوراة.

ظلت تعمل قرابة العامين في مختلف الأجهزة الامنية التابعة للوزارة، إلى أن طُلب منها الانتداب بشكل رسمي لجهاز المخابرات العامة لمدة 6 اشهر قابلة للزيادة في حال عدم انتهاء المهمة المطلوبة منها.
و في اول يوم لها في الجهاز.....

# يتبع

# كحلم_بعيد
# نيمووو
# nemooo

كحلم بعيدWhere stories live. Discover now