الفصل الأول

121 10 53
                                    

في ظهيرة اليوم التالي، وفي إحدى أروقة المَشفى يسير كلٌّ مِن جَلال وصابِر مُتّجهان إلى غُرفة الجَلسات الخاصّة بِـالأول لِـبدء أُولى جَلسات العِلاج والتي سَـتكون للـتعارُف فَقط.


فَـقَد قرّرَ جَلال إقامة جَلساتٍ جَماعية للـعَشرة شباب إنْ وَجدَ مِنهم قُبولًا للـفِكرة ولِـبعضهم البعض.


_« دلوقتي حضرتك استنّى هِنا عشر دقايق كده وانا هجمعهم مع دكتور محمد وهنجبهم هِنا. »
أنهى صابِر كلامه وهو يُشير للآخَر بالدخول ثم انصرف.


أغلقَ جَلال الباب خَلفه لِـيجلس على مِقعدٍ ما وهو يتفحَّص الغُرفة مِن حَوله.
تبدو مُريحة للـنظر بِألوانها المُبهِجة وأثاثها الراقي المُكوَّن مِن أريكتين كبيرتين وعِدّة كراسي وطاولة في المُنتصف تعلوها مِزهَرية مَليئة بالوُرود وزُجاجات مياه.


وأيضًا بِضع لَوحاتٍ مُعلَّقة ونوافِذٍ مُغلقة كَونهم في نهاية الخريف.


دَقائق كثيرة مَرّت عليه وهو يُفكّر حتى فُتِحَ الباب لِـيدخل صابِر والطبيب محمد ومعهم الضابِط شريف وتراءَى°¹° مِن خَلفهم المُضطربين العَشرة يسيرون تِباعًا ويُحيطهم بِضعة مُمرضين مِن الجانبين.



يرتدون مَناماتٍ ثَقيلة ومُتماثِلة ولكنها مُختلِفة الألوان وذلك لِـيسهُل عليهم تَمييز بعضهم؛ فَـلَيس الجَميع قادِرٌ على حِفظ وتَمييز الوُجوه.


تفحَّصهم جَلال بِـعَينيه بِدايةً مِن هذا الشاب الحِنطي -والذي يعرفه جيدًا- صاحِب المَنامة الرَمادية كَـلَون عَينيه والخُصلات البُنية المائِلة للاحمرار.


جلسَ على مِقعدٍ بِـجانِب جَلال ثم تحدَّث بِـنَبرةٍ هادئة:
« نهارك سعيد يادكتور، عارف إنّ حضرتك أكيد استغربت وُجودي هِنا بس أكيد برضو قرأت ملفي وعرفت إنّي مش شخص وِحش صح؟ »


_« صدقني يادكتور رَحمة أنا من قبل ما اقرأ الملف وانا واثق إنّك إنسان كويس وعلى خُلُق. »
أجابه جَلال بِـلُطف وهو يُربِّت على كَتفه في حركة وَدودة لِـيبتسم الآخَر.


أمّا بالنسبة للـشاب الثاني -صاحِب العيون العسلية- فَـقد كان يضع قُلنسوة°²° مَنامته الزَرقاء على رأسه وخُصلاته الطويلة ذات اللون البُني الفاتح تتساقَط على جَبهته البيضاء، ظَلَّ يتلفَّت حَوله ويستكشِف المَكان بِـريبة ومع هذا الكَم مِن البَشر تأزَّلَ°³° صَدره وتصبَّبَ جَبينه عَرقًا تزامُنًا مع تحديقه في الجميع بِـقَلقٍ وتوتر شديد.


بَسبَسَ°⁴° -" فَرح "- حتى وَصلَ لِـمِقعدٍ ما وجلسَ عليه بعدما تأكَّدَ مِن سلامته ثم ابتلعَ لُعابه وهو يُبقي بَصره أرضًا في مُحاوَلة لِـتفادي نظرات الجميع المُصوَّبة نحوه -وإنْ كانوا لا يفعلون!-.


أنا هو، بل أفوقُه قُوَى!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن