9

22 0 0
                                    

فيضعفن لا يريد لأحد أن يرى ذلك القلب الذي كاد أن ينكسر ولا يريد لأحد أن يسمع صرخاته ولا يريد لأحد أن يشعر بالخوف أو الحزن أو الضعف بجانبه فقط انظروا الي واستمدوا القوة مني لا شيء يدعو للحزن أو الخوف وأنا بجانبكم أنا والدكم الذي لطالما رأيتم صفو الحياة وجمالها بجانبه أنا والدكم الذي أخذ حزنكم وخوفكم في داخله وأعطاكم فرحته وطمأنينته لا عليكم كل شيء سيكون بخير كما عهدتم ذلك في حين أنني مهمش وتملأني الجروح من داخلي ولكن لا عليكم فسعادتكم ستداوي تلك الجروح 

وأكثر ما فطر قلبي هم اولائك الأطفال التوأم ينظرون لمن حولهم ويقولون هل رأيتم والدنا هل رأيتم شخص ذو شارب كثيف وأعين واسعه وبشره بيضاء وأعين سوداء مائله للون البني ؟ أرجوكم أجيبونا ولا يجيبهم أحد يحتضنون بعضهم البعض ويطمئن كل منهم آلاخر أخ وأخت توأم في الخامس من عمرهم لم يأبه لوجعهم أحد الجميع بين أحزانهم وقلقهم تائهين 

وتلك العجوز التي جار الزمان عليها وأخذ الخرف يأكل شيء فشيء من عقلها تقف والابتسامة تملأ وجهها وتمسك زوج حذاء أسود وتقول أخبروني عندما ترون ابني أرجوكم إنني أحضر له مفاجئه ستسعده كثيرا لقد استطعت أخيرا أن أجد له حذاء والده إنني حقا لا استطيع الصبر حتى أريه إياه  

لقد آلمني ذلك حقا يا سيدي كان العسكري المدني يبكي بشدة أثناء حديثه عن ما رأى من أحوال الناس ورد القائد مارون بحسرة وكان ينظر للأسفل وقال: لم يكن فقدانهم محزن ومنهك بقدر ماكانت طريقة فقدانهم لقد أخطئ القائد وليد في تقدير الحرب... حتى أفضل تلاميذي لم يستطع هزيمتك ياهاجس وقبض يده بقوة ونظر لها وقال: لقد حرمنا من إقامة جثمان يليق بهم ولكن سأقيم جثمانهم بطريقتي.

أمام أعين جميع الناس وأمام زحامهم وصرخاتهم ووجعهم ظهروا الجنود الفارين وتملأهم مشاعر الخذلان والخجل والعار من الهزيمة ومنزلين رؤوسهم وجميع الناس ذهبوا مسرعين إليهم وكأنهم وجدوا الخلاص من أوجاعهم أخيرا وسألت تلك الأم أحد الجنود أرجوك أرجوك أين ابني هل هو معكم أرجوك أخبرني ورفع الجندي رأسه ونظر في وجهها نظرة حسره حتى رأت بؤبؤة عينيه بوضوح وبكا وأكمل طريقه وهي ذهبت إلى جندي آخر وتسأله هل أنت ابني أرجوك أجب ومن جندي لآخر حتى أدركت أن ابنها لم يعد بل انتهى به المطاف في تلك المجزرة وصرخت بشده لا ابني أرجوكم أعيدوا لي ابني أرجوكم لا إنه لم يمت لا يمكن أن يمت ابني هكذا إنه طيب القلب لقد خبئتم ابني لكي تجعلوه يذهب مرة أخرى للمعركه أيها الجبناء أعيدو لي ابني وتصفع وجهها وتنتف شعرها ويقوموا ابنائها وبناتها باحتضانها ومحاولة تهدئتها وهي تصرخ لا إنه لم يمت إنه لم يمت 

ونظر الأب الى الجنود جندي يليه الآخر وابنتيه يبكن لم يرن أخاهن والأم لم ترى ابنها والأب نظر حتى أدرك حينها أن ابنائه لم يعودوا وقال وهو مازال متماسك ويبدي مشاعر الغضب ليخفي حزنه نعم لقد شرفوا عائلتهم ومملكتهم لقد حاربوا من أجلها وماتوا من أجلها واستمر بصوت مبحوح وبنبرة حزن قائلا إنني فخور بكم يا ابنائي سنضل شامخين بسببكم ونظر لعائلته وقال مالذي يبكيكن ألم تفتخرن بهم ألم يموتوا أبطالا هيا لنعودللمنزل  

وتلك الطفله تنظر للجنود لم تجد كيس الحلوى وذهبت تسأل الجنود أين أخي إنكم ضخام وتلبسون نفس الملابس حاولت البحث عن كيس الحلوى لأرى أخي ولكنني لم أجده لم يجيب عليها أيا من الجنود حتى توقف أحدهم وحضنها 

وقالت: هل أنت أخي؟ 

مسح الجندي دموعه وقال: سأكون كذلك 

الطفله: ولكنك لاتشبهه 

ابتسم الجندي لها وقال: أهو أجمل مني ؟ 

ضحكت الطفله وقالت: لا أعلم 

ضحك الجندي وحضنها وقال: أخاك ذهب في رحله ستستغرق مده من الزمن سيبحث فيها عن حلوى جيده لأن المملكة لم تعد بها حلويات جميله وهو وجد جزيرة الحلوى وبها جميع أنواع الحلوى الرائعة 

ردت الطفلة بكل حماس وفرح: حقا؟؟ 

الجندي: نعم حقا ولكن أخبرني أن تبقي معي وقال لي أن أعتني بك وأن تكوني مهذبه وتهتمي لدروسك وتحترمي الكبير وإلا سيترك جزيرة الحلوى ويعود إليكي دون أي حلوى وحضنته وقالت: سأفعل كل ما يريد وسأنتظره أن يأتي لأتذوق الحلوى ونذهب سويا لجزيرة الحلوى 

وقال لها: بالطبع وضحك وأخذها للمنزل ليرعاها 

نظر الجد إلى الجنود بحسرة على ماحدث وبخذلان من ما حدث ينظر لجندي ثم لآخر ثم لآخر حتى أدرك أن من كانوا يحملونه على ظهورهم قد انزلوه ورحلوا صرخ بأعلى صوته لا لا لا أيتها الحياه لن تفعلي هذا بي ويبكي ورمى عكازه وسقط على ركبتيه وزوجته العجوز تحتضنه من ظهره والأطفال يبكون من رؤية أجدادهم ونظر الى السماء وقال لماذا لماذا أيتها الحياه أخذتي مني من يأنسوا وحشتي ويداروا ضيقتي لماذا تفعلين بي هذا مالذي فعلته حتى يحدث لي كل هذا إنني كهل لن يتذكرني أحد ولن يآبه لي أحد لقد أخذتي مني صحتي ولم تكتفي بل حتى سعادتي وطمأنينتي أخذتيها أهذا هو عدلك أيتها الحياه اللعينه وسكت فجأه وانقطع نفسه وسقط على الأرض وزوجته العجوز تصرخ بشده وتقول أنقذونا أنقذونا زوجي يحتضر زوجي يحتضر والجميع أتوا مسرعين لإنقاذ الجد تاركين أوجاعهم وأحزانهم على من فقدوا خلفهم ويركضون على أمل إنقاذ  حياة الجد ولكن قد فات الأوان فالجد قد مات

وتلك الشابة مازالت مستلقية على الجدار وتنظر لخاتم زواجها وتبكي بهدوء وتحتضن الخاتم وتنظر للجدار لم تنظر لأي من الجنود لاتقوى على النظر للجنود لاتريد أن تدرك حقيقة أن زوجها لم يعد وانتهى به المطاف رماد يمحيه هبوب الرياح لم تتخيل حياتها بدونه ولاتريد أن تتذكر حياتها قبله ولاتقوى على أن تعيش بدونه... أتى أحد الجنود أمام هذه الشابه ووقف أمامها 

وقال: أتجرأالحزن على زيارة قلبك مره أخرى؟ 

توقفت الشابة عن البكاء فجأة ورفعت رأسها ونظرت للجندي ووقفت وحضنته بشده وبكت بكاء سعاده وفرح 

وقالت: لم تمت لم تمت وتبكي وحضنها 

وقال: أخبرتك أنني أغار عليك من الذي سيواسي قلبك ويداري جرحك من فقدي لذلك سأفعل المستحيل لأضل بجانبك وأن لا اسمح لأحد أن ينال هذا النصيب ومسح دموعها وقبل رأسها ونظر لعينيها وقال لقد عدت مهزوم من الحرب ولكن عندما رأيتك انتصرت ثم عادوا للمنزل .

كفارة ذنبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن