الفصل العاشر

198 12 0
                                    

" ليس للإنسان سُلطة على الرُوح ، فَالروح ليست ملكًا له يَبتغي ان  تكون روحه قاسية لامعة بين البشر ليكون مُحاربًا للظروف ، فيُباغت بروحٍ هزيلة رقيقة   ""

هَتفت مهتاب وهي تَقترب منه فور رؤيتها لفلذة كبدها
- ها قد أتى ابني المجنون...
ثم أعادت النظر إليها وهي تشير اليه :-
- انظري له هو هكذا دومًا يتخذ القرارات سريعًا دونما ان يُفكر لثانية واحدة....
ألقى المفاتيح على المنضدة بعدما رمق داليدا  بنظرة خاطفة أدركت ماهيتها سريعًا ، لقد طَلب منها أن لا تَفتح الباب ولا تُصدر صوتًا ، مُخالفتها له جَعلتهُ يُستشاط غَيظًا وغَضبًا ، رفع ساعده باتجاه والدته لكي يَحتويها ويحتضنها كعادته :-
-امي ....
ابعدتهُ عنها بغضب مُصطنع وهي تغمغم بانزعاج تزم شفتيها :-
- الآن أصبحت امك فقط ؟ اين ميهو خاصتك ؟ ابتعد لا تتحدث معي انا غاضبة منك كثيرًا هل حان الوقت الذي أعرف أخبارك من خدم القصر ؟
ضيق عينيه بعدم فهم لينقل نظرة سريعة لداليدا  وهي تَقف تنظر إليه بنظرات لم يَستطع تفسيرها ليعاود النظر لوالدته وهو يقول بتساؤل :-
- ميهو حبيبتي ماذا تقصدي بمعرفتك لإخباري من خدم القصر ؟
هتفت بنبرة مُحتقنة :-
- لقد سَمعتهم وهم يَتفوهون عنك الترهات يَقولون أنك تَجعل مَعشوقتك تَعيش معك في شقتك لذلك أتيتُ الى هنا وبسببك غضبت من هذه الفتاة المسكينة ووبختها في بادىء الأمر ولكن حينما أخبرتني بما حدث معها التمست لها العذر فهي فتاة مسكينة أجبرت على مُعايشة واقعة مؤسفة كهذه ، انا لا اعلم كيف يقترف الأهل ذنبًا كهذا بحق أبنائهم؟
هَمس بنبرة مُحذرة بعدما حول نظراته اليها ليجدها تُطالعه بحزن تفرك يديها بتوتر
- امي لا داعي لمثل هذا الكلام ، انا اعتذر كُنت اود اخبارك ليلة امس ولكن لسوء الحظ انشغلنا بما حدث بين اخي وزوجته ....
لامست والدته وجهه المزين باللحية الخفيفة وهي تقول :-
- لا بأس حبيبي والآن قُل لي لماذا انتَ رافض لفكرة عمل مليكة في قصرنا ؟
أجاب بتبرير ليجعل قَبضة في صدرها تجفل لانسياب  كلماته  لعُمق في جَوفها مُستلذًا بمُساندته وتقديره لها امام والدته :-
- لانها ليست بخادمة هذا عيب في حقها وحقنا يا امي هي لجأت لي فقط لمساندتها في الاختباء من عائلتها ...
هَتفت الام مدافعة عن نفسها تنفي فكرته :-
- هل تعتقد أنني ابتغيها خادمة ؟ لا بل على العكس تمامًا انا أحببت هذه الفتاة وأريدها بجانبي في القصر ولا تنسى بُني اولاد أخيك بِحاجة ماسة للإعتناء ....
- ولكن امي ااا
قاطعته والدته بابتسامة وهي تتحرك نحو داليدا :-
- لنُعطي للفتاة فُرصة باتخاذ قرارها هي أخبرتني بنيتها لمغادرة المكان والذهاب لقريبة لها هنا في اسطنبول لذلك هي  تُفكر بشكل جاد بشأن العمل ....
ثم طالعت داليدا بابتسامة دافئة رزينه وهي تسأل :-
- ابنتي هل انتِ موافقة على العمل بجانبي في القصر ؟
كانت أساريرها ترقص من دواخلها لنجاح خُطتها كَما تَبتغي وتُريد ، الهدف الاول والرئيسي بالنسبة لها الوصول لقصر الباشا كَما حال هدفها بالوصول لقَلب مراد الباشا ، اومأت رأسها بخجل وهي تقول :-
- أجل موافقة لا استطيع الرفض سيدتي شكرًا لكِ ....
هتفت الأم بسعادة
- ليكن خيرًا لكِ حبيبتي هيا لنذهب معًا ....
قطب جبينه بتساؤل ينقل بصره لوالدته :-
- الآن ؟
أجابت الأم
- نعم الآن ماذا تتوقع مني هل سأجعلها تبقى هنا ؟ بكل تأكيد لا بُني إن انتشر هذا الخبر سيكون سيء لأجلك ولأجل الفتاة الناس لا ترحم يا صغيري  ...
تزين ثغره بابتسامة  يرنو  لوالدته بامتنان والدته التي كانت وما زالت تقف بجانبه دومًا تُسانده في محنه تظهر له كشُعاع نور في وسط الظُلمة ، اومأ رأسه وهو يقترب من والدته يُقبل جبهتها 
- كما تريدي ميهو غاليتي ....
هتف وهو يُطالعها مودعًا
-  حسنًا مليكة  اذهبي مع والدتي هي ستهتم بك كثيرًا الى أن يتم حل مشكلتك مع عائلتك ،  أعدك انني سأساعدك باقناع والديك للتراجع عن  قرارهما بشأن مُستقبلكِ ....
ابتلعت ريفها بتوتر لذكره أمر عائلتها لتقول وهي تتغاضى جملته الأخيرة
- الن تذهب معنا ؟
- كلا ..
هتفت الأم وهي تتناول حقيبتها
- انه مشغول دومًا حبيبتي هيا بنا ...
تجاوز والدته ليستسلم لرائحة تنبعث من رغبته المدفونه  ليَسير  نحو داليدا  مما جعلها تتوتر قليلًا دون إرادة منها لتتراجع خطوة للخلف تحت أنظاره  أسبل عيناه متوقفًا  ليقول بنبرة مطمأنه لها
- لا تَقلقي لن يكون امر التأقلم في قصرنا صعب ...
ثم عاد الى والدته وهو يقول
- امي انتبهي عليها جيدًا ارجوكِ ...
ربتت الأم على ذراع ولدها وهي تقول بنبرة يكسوها الحنان والدفء
- بعيناي اطمأن ستكون بأيدي آمنه يا صغيري وانت انتبه لنفسك جيدًا لا تنسى علاجك هل فهمت ؟
اومأ رأسه بإيجاب ليُلقي عليها نظرة خاطفة ثم غادر الشقة بأكملها ، لقد عايشت للتو مشهد كان خارج التوقعات والدته تُعامله كالصغار لا بل تقول له صغيري ايضًا ؟
تمتمت بغيظ
- طوله كما الحائط وتقول له صغيري ...
- هل قُلتي شيء يا ابنتي  ؟
هزت رأسها بنفي وهي تباشر عملها:-
- لا سيدتي في الحقيقة اود تنظيف الشقة قبل مغادرتي لا يجب تركها هكذا بطريقة فوضاوية  لكي لا يغضب السيد مراد ....
اومأت مهتاب رأسها وهي تجلس على الأريكة :-
- حسنًا ابنتي سأنتظرك ......

رواية قلب للإيجار بقلم عروبة المخطوب حيث تعيش القصص. اكتشف الآن