{ استضافة معتّقة }

179 17 21
                                    


تثير انتباهي الشّبهات ، فأسير وراءها حتى أصل إلى نقطة مجهولة النّهاية وأقف أمام خيارين ، أحدهما النّجاة والأخر جرف سحيق .

*
*

‏‎لاحت الشّمس في الأفق لتنشر أشعّتها بدفئ بعد ثلاثة أيّام ثلجية متواصلة تحوّلت فيها المدينة إلى مساحات بيضاء ، فأعلنت الأكوام الثّلجية على أشجار السّرو وقرميد أسطح المنازل استسلامها لتتساقط بعشوائيّة ، أو تستهدف رأس أحدهم وكتفيه فيستشيط غضبا  ويقضي البقية من يومه أمام المدفأة يتمتم بكراهية ، لكن الذي استُهدف اليوم كان ساعي البريد ، شخص متفان وسعيد ينسجم مع الفصول بل والكوارث كلها

‏‎طرق الباب بنشاط ووقف ينتظر الرّد ، وماهي إلا دقائق حتى سمع صوت الأقفال تفتح ، نفض الثلج عن رأسه وملابسه  وأخذ يبتسم بعفوية حتى ظهرت تجاعيد وجهه الهَرِم ليحدث الشاب الذي فتح الباب
"نهارك سعيد ايها الشّاب الوسيم ، هاك طرد اليوم " 
سارع الشاب ليأخذ طرده مؤنبا ساعي البريد على حمل عبئ تسليمه له شخصيا ودعاه للدخول وشرب بعض الشاي ، لكن الآخر امتنع بشدّة معلّلا ذلك بالطرود الأخرى التي يتوجب عليه تسليمها ، تصافحا وودعه ليركب دراجته ملوحا له . أغلق دانييل الباب واستند اليه بظهره متفحصا الطرد الذي يحمله ، وقد كان جليا لم حرص العجوز على إعطائه له شخصيا  ؛فالواضح أنه طرد ذو قيمة وذلك من طريقة تغليفه وحجمه والختم الشمعي الموصد به ، سار متجها إلى المنضدة في المطبخ ليضع الطرد عليها ثم يخرج كوبا ليصب به الشاي الذي ملأ عبقه البيت ثم جلس وشرع في فتح الطرد .
كانت علبة شوكولا مصحوبة برسالة معطرة ، مما جعله يتصنّم لثوان وعلامات الدهشة تعلو وجهه
"شوكولا ورسالة معطرة ؟ وتغليف أنيق وختم شمعي باهظ ؟ " حدث نفسه وقد جمع الجرأة ليفتح الرسالة ويقرأ محتواها

〜『※』〜
{السيد المبدع دانييل
إنه لمن دواعي سروري دعوتك إلى القصر الليلة ، أتوق لمعرفتك عن قرب وأتمنى أن تلبي دعوتي قريبا
ويليام ليبيرالس}
〜『※』〜

زفر بارتياح بعد قراءته لاسم المرسل وعاد ليحدث نفسه
"إلهي...كدت أن تخوض تجربة درامية بحته دانييل "
أخذ يقهق ليكمل
"الحمد لله أنه ويليام وليست ويليامينا "

طوى الرسالة بعد أن لاحظ العنوان والتوقيع في أخر الرسالة واستدل ان المرسل من الطبقة المخملية ...
كان دانييل حالما تواقا للفن والجمال ، وانطلاق روحه لتلامس ماحولها جعله شخصا حساسا تلامس المعاني قلبه فورا ، كما أنه كان عالقا في أحلام اليقظة بالرغم من تجاوزه العقدين ونصف ؛ وهو سبب كاف ليوقعه في تنبؤات قد لاتحصل بتاتا ...
وبسبب العاصفة التي استمرت قرابة الثلاثة ايام ، تاخر وصول الرسالة حوالي اسبوع كامل ليدرك أنه تأخر كثيرا في الرد على الرسالة .

لوحة الأيدي التعيسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن