{سرّ 11019}

27 4 13
                                    



خلال مسيرتك في الحياة ستفقد شيئا  لتحافظ على شيء أكبر  ، وإن تلكأت قليلا ولم تدرك اللّحظة الحاسمة ستجر الأمور بعضها تماما كخرزات السّبحة ، فتبقى صفر اليدين لاتملك شيئا لتخسره سوى حياتك

*
*
لوحات بإطارات مزخرفة ، الكثير والكثير منها علق على كل الجدران بل وحتى على السقف ، كان يلتفت يمنة ويسرة في صمت قاتل باحثا عن أمر ما ، أمر لم يفسره عقله بعد ، حتى تصنمت قدماه أمام لوحة ضخمة بإطار مزخرف وفرغت القاعة من أي شيء آخر عداها ،فبدأ قلبه بالتراقص خوفا مع أصوات وتمتمات مبهمة تعالت في الغرفة  وقطرات العرق تتزحلق على وجهه، وأخذت الأيدي في اللوحة أمامه بالخروج من الاطار  ومناداته بتثاقل  " النّجدة !" ، أمسك رأسه بذعر وتراجع عدة خطوات للخلف لكن ذلك لم يمنع الأيدي من الوصول إليه ثم تلطيخ يديه بالطّلاء الأحمر

انتفض بهلع ليسقط عن سريره ويرتطم بالأرض عندها أدرك أنه كان أحد تلك الأحلام المزعجة التي تلاحقه منذ مدة ، وبالرغم من انها لم تعد تخيفه كثيرا لكنها كانت تتغير في كل مرة لتتخفى بثوب الواقعية وتباغت سكينته ، فرك عينيه الفيروزيتين ونهض من بين الأوراق المتبعثرة على الارضية حوله ليجلس على السرير واستغرق عدة دقائق لتذكّر آخر ما فعله قبل أن يغط في النوم فلاحظ الجريدة بين الأوراق وفوقها تلك البطاقة التي أعطاها له ذلك العجوز  فالتقطها محدثا نفسه يؤنبها
"لم أعهدك هكذا من قبل ... لم ورطت نفسك في أمر كهذا  ؟ أعني من أين لك تلك الشجاعة لتقابل غريبا و تساعده في أمور لا تفقه فيها...؟ كدت تعرض حياتك للخطر ذلك اليوم !"
نفث بعدها طويلا ليستلقي على ظهره ويقابل بوجهه سقف الغرفة ، كانت الغرفة هادئة وبسيطة ، تستمد ضوءها صباحا من أشعة الشمس وفي الليل يشعل بعض الشموع أو مصباح صغير ذا ضوء خافت ،وبينما يقلب أنظاره في زوايا الغرفة محاولا إيجاد خيط ما أو دليل يقوده إلى ما يبحث عنه ، فكان يرتب الأحداث في عقله منذ وصول الطرد إلى منزله وحتى ذهابه إلى حي -سايفوس -
" أليس من الغباء أن يقوم السارق باستخدام ذات الفكرة وذات الرقم للوحته ؟ أعني إنه لمن البديهي جدا أن يقوم بتغيير شيء ما ، هو حتى لم يقم بالإشارة لنفسه بأي طريقة وهذا محيّر وفي الوقت نفسه حقيقته تنفي فكرة الانتفاع من السّرقة بالأساس"
تزاحمت الأفكار في عقله كتزاحم العربات في طريق ضيقة ، وتضاربت الحلول في رأسه كل منها يحاول تثبيت نفسه ، لكن فكرة واحدة كانت الأكثر لمعانا ووضوحا والتي جعلته ينهض عن سريره ليحمل الجريدة ثانية ويدقق النظر في اللوحة وخاصة تلك الأرقام ، مد يده نحو مكتبه ليأخذ ريشة ويدون الأرقام ثانية على ورقة جانبية

[11019]
" يقول أحد الأجداد القدماء : إن فشلت في إيجاد الدلالة المعتادة التي يعطيها شيء ما ، استخدم مخيّلتك "

لوحة الأيدي التعيسة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن