رواية كما يحلو لها
الفصل التاسع
النسخة الفصحى
منذ خمس دقائق مضت..
غمامة، بل سماء من ركام أسود يراها أمام عينيه وكأنها تصرخ به ساخرة بأنه لم يعد هناك أخرى صافية سيراها حتى مماته، العمل، العلاج، علاقاته الفاشلة - المنعدمة بوصف أدق - وبعدهم يأتي والده الذي لا يتوقف عن الإلحاح عليه بشأن العمل، ذلك الجدول الصارم الذي يتبعه، يومياته، العقاقير، ثم التكرار كل هذا من جديد بداخل عقله بالرغم من أنه يبدو في أعين البعض بعقل خاوي وجسد نائم ولكن هناك تلك الدوامة الداخلية المستديمة التي ستُغرقه بالكامل عما قريب!
جلسات لا يقتنع بأكملها بعد، يظن أنها لا تنتهي طوال عمره، تجارب لا تنتهي للكثير من العقاقير، بعضها يجعله يظهر بمظهر النائم المخدر تمامًا، كأن رأسه لا تحترق بالفعل بما تعج به من أفكار، ولو ترك هذا فهناك آخر قد يعرضه للسِمنة، وإن قرر أن يتوقف عن التفكير في الأمر بعد أن رفض تقبل فكرة اكتساب بعض الوزن، هناك هذه الرعشة السارية بيده اليسرى مؤخرًا، لولا نجاحه في احتياله بإخفائها عن أعين الجميع لكان رأى الشفقة في أعين كثيرة لا يريد أن ينظر أيًا منهم إليه بها!
أطنب النظر إلى يده الممسكة بهذا الفنجان الموضوع فوق طبقه الصغير والأدخنة تتصاعد منه، يده وخاصة في المساء لا تتوقف عن الارتعاش، يحاول أن يتذكر ذلك الحديث بما نصحته به الطبيبة، سيأخذ وقت ليس بقصير إلى أن يجد الحل المناسب له في هذه العقاقير، الأدوية الملائمة بجرعاتها، لقد عبرت الساعة التاسعة بقليل من الدقائق، وهو يحدق بفنجان القهوة وابهام يده اليسرى لا يتوقف عن التحرك بإرادة منه ظانًا أن لو أحد رآه من بعيد سيظن أنه رجل مشغول البال ليس إلا، ولكن الحقيقة هناك تلك التحركات التي لا يستطيع التحكم فيها على الاطلاق!
لولا تلك الحرية التي يشعر بها في اختيار تجاربه بنفسه لكان تخلص من هذه المرأة، ولكنه لا يتصف بصبره، يعرف أنه ليس صبور، منذ أن كان طفلًا عندما يُريد أن يتخلص من شيء أو يمتلك شيء، أو حتى يتخلص من شيء، كان يفعلها دائمًا..
العمل الذي يُناديه به والده منذ سنوات أصبح لا يُحتمل، هو لا يدري ما الذ يحدث له، ولا يستطيع أن يخبره بما يمر به لأنه سيقول إن هذا جنون وانظر لما حققته.. ونفس تلك الكلمات الرتيبة منه التي لم تتغير لسنوات! كيف عليه النجاة في خضم كل هذا؟!
هو بنفسه كان يتعجب، يتعجب من كل ما حققه يومًا ما، ولكن كلماتها فسرت له الأمر، وبعد ما رآه بعينه يحدث بينه وبين الوحيدة التي أرادت رؤيته بخير لم يعد يقبل برأسه سوى أن هذا الاضطراب اللعين يفتك به وعليه أن يتخلص منه، ومرة أخرى يجد نفسه أمام حائط سد لا يمكنه أن يتخلص منه بعد كلمات اقتنع بكل ما فيها!
أنت تقرأ
كما يحلو لها - الجزء الثالث - كما يحلو لي - النسخة الفصحى
Romanceلا اكتب اليوم كما بات يحلو لي مؤخرًا، ولا لأنقل بكلماتي ما يحلو لي.. ولا اكتب مخاطبًا حبيبتي بعبارات الغرام والشوق الجارف بالرغم مما يعانيه قلبي دونها.. اكتب من أجل كل امرأة لا تعلم بعد أنها لابد من أن تفعل كل ما يحلو لها دون يأس أو استسلام.. ولكِ،...