أعماق الذات

كن انت

داخل كل إنسان كون شاسع لا يستطيع أي احد تخمين نجومه الساطعة و ثقوبه السوداء ، من أنت بين كل من يسكنون أعماقك ؟ هل انت جراح الماضي التي تتكلم بلسان السخط و الألم و عدم الثقة و فقدان الايمان بالحب ؟ أم أنت خوف المجتمع الذي يتكلم بلسان  المجاملة و النفاق و المسايرة و المراوغة و التملق ؟ هل انت الضعف الذي يتعلق بأي قشة حتى يشعر بالقوة ؟ أم القوة التي تتجنب أي موقف ضعف حتى لا يسقط قناع القوة ؟ هل انت الطفل البريء الذي فقد صوته بين كل تلك الاصوات الدخيلة عنه  التي تتكلم نيابة عنه و لا تمثله ؟ أم الراشد الحاقد الذي انكر طفله الداخلي لكثر ما أوجعه ؟ من انت من بين كل تلك الأفكار المتناقضة في رأسك ؟ هل تلك التي تحدثك عن النور ؟ أو تلك التي تقودك الى الظلام ؟  حسدك ؟ غيرتك ؟ غضبك ؟ شهواتك ؟ جشعك؟ غرورك ؟ هل هذه المشاعر تحت سيطرتك ؟ أم انت تحت سيطرتها ؟ 
حقيقتك لا ولن يعرفها احد ، سوف ترتدي دائما قناعا يريح العالم و يريح جراحك الدفينة ..ثقوبك السوداء كلما كبرت كلما ابتلعت نجومك الساطعة …سوف تعيش الضياع في كون ٍ شاسع من التناقضات و المخاوف… و لكن تَذَكَّرْ أنَّ  بإمكانك دائما العودة الى وطنك الجوهر حيث الأمان و النور …كل ما عليك فعله هو الانصات جيدا و اتباع صوت خافت بداخلك نابع من الروح ، يدعوك الى التخلي عن كل ما يخيفك و كل ما يضعفك ، و كل ما يغريك من اطماع و تعلقات فارغة لا تخدم انسانيتك …اذا كنتَ محظوظا و مازلتَ تسمعه من تحت كل انقاضك فاستسلم له ، و اتركه يأخذك في رحلة كونية داخلية تخترق كل عتمة لا تمثلك الى حقيقة واحدة و صوت واحد و انسان أصلي نقي دون اقنعة و لا خوف و لا ضعف .
يبدو الأمر مستحيلا لكنه حقيقة …اذا لم تفقد روحك كليا ، فاعلم ان لديك قوة روحية لا يستطيع أي ظلام التغلب عليها ، كل ما عليك فعله هو التحرر من كل شيء لا يجعلك انت.