الفصل 4: بنزين الروح

36K 1.9K 946
                                    


كيف لخرير أنهار ساكن أن يهدأ بركان على وشك الانفجار؟

هل أنت ملاك؟......

_____________________

مر أسبوع آخر. أندريو تغير كثيرًا في الآونة الأخيرة؛ أصبح كثير التفكير، يسهو كلما أتيحت له الفرصة، ابتعد عن أصدقائه ولزم غرفته لأسبوع. وفجأة، جعلته وفاة صديقه المقرب يفكر في الكثير من الأشياء، في حياته التي ذهبت هباءً. مر شريط ما عاشه والأوقات التي قضاها في اللهو أمامه، وأدرك أن الدنيا فانية وأننا ضيوف أتينا لعبادة الله لا غير.

أما عفاف، فقد استطاعت الاعتياد على المنزل، رغم ارتدائها الحجاب معظم الوقت، ولكنها تعرف جيدًا أن حجابًا يسترها في الدنيا سيقيها من عذاب جهنم في الآخرة.

وها هي الآن في المطبخ، ترفع أكمامها إلى مرفقيها كالعادة، تقدمت نحو خالتها التي شرعت في تحضير الغداء، وضعت يديها على كتفيها تدفعها خارج المطبخ، وأردفت:

"سأعد أنا الغداء اليوم، أنتِ أكملي قصصك مع أمي، لا مجال للرفض."

التفت بهار نحوها ممسكة بخدها كطفل صغير، نمت على ثغرها ابتسامة واسعة، وردت:

"حنونة كأمك، شكرًا لك."

بادلتها الابتسامة، ثم وضعت يديها على خصرها وقالت:

"بما أنه يوم الجمعة، ما رأيك بإعداد طعام، من تقاليدنا في الجزائر إعداده يوم الجمعة؟"

ردت بينما تشير للخزانة المعلقة على الحائط:

"المطبخ مطبخك، افعلي ما يحلو لك. تجديد علبة الكسكس في الخزانة."

طعام، كسكس، بربوشة، كسكس وغيرها من المسميات، هو أكلة تقليدية عريقة يحضرها الجزائريون يوم الجمعة وفي المناسبات. عبارة عن طبق قديم جدًا من شمال إفريقيا. يصنع من سميد القمح القاسي ويدور على شكل حبيبات صغيرة. يطبخ بالبخار ويضاف إليه اللحم ومرق الخضار أو الحليب، وذلك حسب الأذواق والمناسبات.

بعد ساعتين، منغمسة في تنظيف المطبخ بعد انتهائها من الطبخ، اقتربت من المياه تغسل يدها. التفت فجأة فور سماعها صوتًا رجوليًا:

"أنا قادم."

كان أندريو الذي يراقبها منذ مدة بينما تنظف. ترتسم ابتسامة غريبة عندما يلمح تصرفاتها العفوية وحركاتها وهي لوحدها، ورغم لقائهما النادر حتى وهما في منزل واحد، إلا أنه اعتاد على وجودها. ولا يمكننا نفي ذلك الشعور الغريب الذي حيّا بداخله منذ النظرة الأولى.

Forbidden hearts [ مكتملة ] حيث تعيش القصص. اكتشف الآن