تسييس وتسليع

3K 156 97
                                    

خرج المذيع من مبنى الإذاعة وسار متوجها نحو سيارة (جمال) المركونة بانتظاره وعند وصوله إلى نافذة السائق وجد أن صاحبه قد أسند ظهره للمقعد وغط في نوم عميق بفم مفتوح فطرق بمفصل سبابته على الزجاج موقظاً صديقه الذي أنزل النافذة وقال بوجه ناعس :«هل انتهيت ؟»

(المذيع) باسماً وهو يزفر : لا لم أنته بعد.. هل تستطيع قيادة السيارة أم أقودها عنك ؟

(جمال) مديراً المحرك خلال تثاؤبه : لا أنا مستيقظ .. هيا اركب لأخذك للمنزل
عند وصول المذيع لشقته ودخوله لغرفة نومه رمى بنفسه على فراشه دون خلع ملابسه وأغمض عينيه مستسلما للنوم..
استيقظ ظهراً وفتح عينيه على رنين هاتفه
الملقى عند رأسه فمد يده بتكاسل ورفعه أمام وجهه ليرى رقما مجهولا يتصل به قرب الهاتف
من أذنه بعد ما فتح الخط وقال بصوت مشبع بالتعب : نعم ..

- «أحببت أن أبارك لك نجاح الحلقة الأولى من البرنامج ... الأصداء قوية جدا وهاتفي لم يتوقف عن الرنين منذ ان دخلت مكتبي هذا الصباح .. المعلنون انهالوا علينا وكذلك تلقينا عروضا دعائية مغرية من شركات كبيرة لم نتعامل معها من قبل وبعض الجرائد تريد عمل لقاء معك أيضاً لقد نجحنا وحققنا ضربة قوية غير مسبوقة في مجال الإذاعة!»

(المذيع) بوجه ناعس : من أنت؟ .. من يتحدث معي؟

ضحك المتحدث وقال : «أكمل نومك .. لكني أريدك في مكتبي عصر اليوم .. يجب أن نجتمع لنناقش خط سير البرنامج بعد هذا النجاح الباهر ..»
أغلق المتصل الخط والذي اتضح أنه مدير المحطة فنظر المذيع لشاشة هاتفه لثوان ثم رمى به أرضاً وأكمل نومه ..
لم يبق المذيع نائما لفترة طويلة وأفاق بعد أقل من ساعتين توجه بعدها مباشرة لدورة المياه وأخذ حماماً ثم خرج وأعد لنفسه كوباً من القهوة
وجلس في غرفة المعيشة يحتسيه بصمت خلال تدخين أول سيجارة في يومه وتصفحه للرسائل الواردة والمكالمات الفائتة في هاتفه وقد كانت كثيرة على غير العادة
لم یکن بين تلك الرسائل والمكالمات شيء لفت نظره فمعظمها كانت من أرقام مجهولة عدا تلك التي وصلته من (جمال) وبعض أقربائه لا يراها غريباً بعض الشيء فقد كتب فيها :
المهنئين له على برنامجه الجديد لكن رسالة واحدة من رقم مجهول كان محتواها غريبا بعض الشيء فقد كتب فيها :

ما تقوم به عمل نبيل لكن خذ الحذر من المتربصين بك..
لقد لفت انتباهنا وسنتواصل معك قريبا لأننا نتشارك الهدف ذاته..
أنت على القائمة وستكون ضمن المجموعة في الوقت المناسب...

قام المذيع بتخزين الرقم الذي وصلت منه تلك الرسالة تحت مسمى «رقم غريب 1» ثم فتح آخر رسالة وصلته وقد كانت من المحطة يذكره فيها بموعدهما في المحطة عصراً وأنه سيكون بانتظاره فزفر متضجراً وقال محدثاً نفسه بعد ما رمى بالهاتف جانباً مدیر على الأريكة :
«أليس من المفترض أن أكون في إجازة لمدة أسبوع ..؟»
أكمل المذيع قهوته وتدخينه وهو سارح في الجدار أمامه حتى رن هاتفه ليغمض عيناً وكأن صداعاً قد أصابه ورفع الشاشة ليرى اسم (جمال) يشع عليها ففتح الخط وقال : ماذا تريد؟

هذا ما حدث معي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن