قام (جمال) بإيصال صاحبه في اليوم التالي لحضور اجتماعه مع مدير المحطة وعندما ترجل من سيارته قال له : « هل تريد مني مرافقتك؟»
أشعل سيجارة وقال : لا .. سأتصل بك الليلة لنخرج معاً لتناول العشاء وسنتحدث وقتها عن تفاصيل الاجتماع(جمال) : لا تفسد هذه الفرصة أيضاً أرجوك
- إن كان مقدراً لها أن تفسد فستفسد مهما حاولت .
(جمال) : فقط حاول أن تكون لبقاً .. هذا مديرك الآن وليس شخصا عادياً
راميا بعقب السيجارة تحت قدمه داعسًا عليها والدخان يخرج من فمه ومنخاره : "الخنوع ليس من طبعي لكني سأحاول أن أجاريه إلى أقصى حد أستطيع فقط لأني بحاجة ماسة للمال".(جمال) : بالتوفيق .. سأكون بانتظار اتصالك اليوم
قاد (جمال) سيارته تاركاً صديقه يسير نحو مدخل مبنى الإذاعة ... بعد انتظار لم يدم طويلاً في مكتب السكرتيرة الخاصة دخل الرجل وجلس على طاولة اجتماع كبيرة في المكتب الواسع بعد ما استقبله صاحب ومدير المحطة مرحباً : "مرحباً بمذيعنا الجديد!"- مذيع ؟ .. ... قالها مستنكراً
(مدير المحطة) : نعم مذيع .. لدي برنامج أعد له منذ فترة ولكني لم أتمكن من إيجاد الشخص المناسب ليقوم بتقديمه بسبب حساسية وغرابة فكرته
- برنامج ماذا؟
(مدير المحطة) : برنامج استوحيته بعد أن حكى صديق لي عن قصة غريبة حدثت له .. كنت مشدوهاً ومنشدّاً معه وهو يتحدث عن تفاصيلها ولم أعرف السبب لأني في العادة لا أهتم لمثل هذه القصص خاصة تلك التي يكون فيها العقل والمنطق غائبين لكن تلك القصة شدت انتباهي لآخر حرف وكنت أريد نقل الإحساس والتجربة أنفسهما للمستمعين لكن كان يجب علي قبلها معرفة سر جاذبية القصة
- وهل عرفت سبب اندهاشك واهتمامك بها؟
(مدير المحطة) : نعم .. إيمان صديقي الشديد خلال روايتها بأنها قد حدثت معه بالفعل وذلك اليقين انتقل لي وغشاني وأثر بي وجعلني مندمجاً معه ومصدقاً لما يقول بالرغم من استحالته .. سر فشل أي راو في جذب من ينصتون له هو أنه في الأصل لا يصدق ما يقوله والإنسان غالباً يستطيع الإحساس بمن يكذب عليه أو يخدعه لذا من الصعب جداً أن تجد راوياً متمكناً في سرد القصص لعدم قدرته على إقناع من حوله بحقيقتها لأن أغلب الرواة متصنعون كاذبون يحاولون التذاكي على الناس
- أتفق معك .. الحقيقة تحتاج وعاء نقياً لنقلها وإلا تعكرت وأصبحت حكاية ممجوجة تثير الغثيان والضحك أحياناً
(مدير المحطة) محركاً كفه في الهواء بشكل دائري : لذلك قررت بث برنامج تحت مسمى "صرخات عبر الأثير" .. برنامج لرواية القصص الحقيقية التي حدثت مع الناس وقد اخترتك مسؤولاً عنه ، أنت لتكون مسؤولة عنه
- أنا أسوأ شخص يمكن أن يشرف على برنامج من هذا النوع
(مدير المحطة) : لماذا؟
أنت تقرأ
هذا ما حدث معي
Terrorالأسئلة في هذا العالم أكثر من الأجوبة فلا تحرص على المساهمة في فائض وتهمل التعويض في نقص .. يحكي لنا الكاتب عن بدايات المذيع وكيف كان في الماضي وما الذي أوصله الان الى برنامجه الاذاعي الذي ذاع صيته بشكل كبير .. وكيف كانت التحديات والقصص له ومحاربته...