المتصل ١٣

4K 170 161
                                    

قضى المذيع ومعدته فترة الفاصل الإعلاني الذي انتقلت إليه بصمت دخن هو خلالها سيجارة وأمضت هي تراقبه بقلق ثم قالت : «هل أنت بخير؟

(المذيع) بظهر مثني للأمام وأصابع معقودة ممسكة بسيجارته التي أوشكت على الانتهاء :
"بدأت أشك بأني مستعد لإكمال هذا البرنامج بعد حلقة الليلة أشعر بالإرهاق."

(نور) باسمة : سيكون أمامك أسبوع كامل لترتاح ..أنا من سيبقى هنا طيلة أيام الأسبوع للقيام بمهام أخرى

(المذيع ) ملتفتاً نحوها : لم أكن أتحدث عن الإرهاق الجسدي ...

(نور) : أي شيء سواه يمكنني التعامل معه .. إرهاق الجسد كاسر للعزيمة ...

(المذيع) : لا يكسر العزيمة سوى النفس المرهقة ...

(نور) ناظرة لساعة هاتفها ثم للوحة التحكم أمامها : تبقى دقيقة واحدة ونتقل على الهواء .. اللوحة تظهر مجموعة لا بأس بها من الاتصالات

(المذيع) زافراً آخر سحابة دخان من منخاره قبل أن يرمي بعقب السيجارة تحت قدمه : هيا لننتهي من هذا اليوم ...
وضع المذيع السماعات على رأسه وقرب شفتيه من الميكرفون وقال: "نعتذر عن الخلل السابق الخارج عن إرادتنا فهذا أمر مألوف مع الحلقات الأولى التجريبية لكننا عدنا لكم مع متصل جديد .. تفضل عرفنا بنفسك .. نحن منصتون ..."

- كيف حالك؟

(المذيع) بأعين متسعة وقد تعرف على صاحب الصوت : أنا .. أنا كيف حالك أنت؟

- بخير ... كما أنا .. أحببت فقط الاتصال لأهنئك على هذا البرنامج الجميل

(المذيع) وخليط من التوتر والسرور باد عليه : «ش... شكراً أنا بحق من لك ولكل ما قدمته لي في الماضي ...

- أنا لم أقدم لك شيئاً لم تستحقه وأنت تستحق الكثير ..

(المذيع) باسماً : كيف حال الشيخ؟

- ما زال يحاول تربية لحيته مجدداً وأنا أهدده بالإبعاد لو فعل ...
ضحك المذيع لكن ضحكته كانت ممزوجة بالحزن وقد لاحظت (نور) ذلك خلال متابعتها باهتمام للحوار الغريب الذي دار أمامها ...

- لا أريد أن أطيل عليك أكثر وآخذ من وقت مستمعيك بالتوفيق في حياتك المقبلة

(المذيع ) مستدركاً المتصل قبل أن ينهي اتصاله :
"هل يمكن أن يكون لك مكان فيها مرة أخرى؟

- لم يبق بيننا شيء بعد لقائنا الأخير .. هل تذكر آخر ما قلته لك؟

(المذيع) : نعم .. لا يوجد سوى باب واحد لهذا العالم ...

- وهو للدخول فقط .. كن قويا واعلم بانك مقبل على عاصفة .. عاصفة هوجاء لن تنجو منها بإدارة ظهرك لها استمر .. وأنا سأراقبك من بعيد .. وداعاً
أغلق المتصل الخط وبقي المذيع سارحاً ... رفعت (نور) يدها وأشارت له بشكل متكرر ملوحة في محاولة للفت انتباهه وقطع سرحانه ... انتبه لها المذيع بعد ما انقطع سرحانه وأومأ لها برأسه بتمرير المتصل التالي عليه .

هذا ما حدث معي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن