04

170 20 1
                                    

« يرتطم المطر بجسدي ، أتجاهل كل الأصوات التي تحتني على العودة
أتجاهل كل الجدران التي تكتب اسمك لعقل غائب و قلب مولع بالألم »

أزرق رمادي|دعنا نكتب البداية

بعد قضاء الوقت مع العم سباستيان عادت الفتاتان للمنزل و لكل منهن مشاعر مختلفة و لم يخلق الاختلاف إلا ليميز ميرال عن الأخرين .

قلب مشوه و طريقة تفكير خاطئة ، لم تكن الألوان في ذاكرتها موجودة هي الآن تعيش في الأبيض و الأسود ، تعيش ربما يتغير الأمر يوما .

هذه المرة و في علية المنزل تبحث بين الصناديق عن حاجتها ، الكثير من الأشياء القديمة بينها المنسي و بينها المحفور داخل وجدانها ، ألعاب كانت رفيقتها في الصغر ، كتب قد آنست وحدتها السرية ، و ثياب قديمة كانت تستر جسدها .

تبتسم في كل مرة تجد غرضا يعيدها لتلك السنين الراحلة ، كرحيل من كانوا فيها ليتنا نحتفظ بالناس عوضا عن  الذكريات .

و في آخر صندوق فتشته و جدت ما كانت تريد ألا و هو دفتر مذكرات لم يكن لها بل لوالدتها ...كانت أحد الوعود التي قطعتها مع والدها أن تقرأ بعض من أسطر ذاك الدفتر في كل مرة تشتاقها ، لكنها خالفت الوعد لأنها تود تخطي رحيلها و العيش بسلام ، اتخذت الأرض مجلسا لها و توقفت عند أول صفحة .

" مرحبا يا ابنتي الجميلة ، عندما ستقرئين مذكراتي سأكون قد رحلت ، أنا آسفة لفراقك و أنت في عمر صغير لكنني يا ابنتي أريد العيش بسعادة على عكس كل ما مررت به قبلا .

أشعر بالفخر في كل مرة أفكر في أنني أنحبت فتاة مثلك ، أحيانا لا أصدق أنك ابنتي ، أعرف أني الآن بعيدة عنك لكن يا جميلة أمها تأكدي أنك دائما في قلبي ، أنت كنت كجائزة أهديت لي ، أنت أكبر إنجاز استعطت فعله ، أرجوك سامحيني على تركك دون أم ، و أينما كنت و مهما كانت قراراتك فأنا فخورة بك .

عندما كنت صغيرة و أنت مهتمة بالتفاصيل و الأشياء الصغيرة و أنا والدتك و أعرف ابنتي جيدا ، عيشي يا حبيبتي كما تريدين ، و لا تفكري في أي شيء آخر ، لا تهتمي و لا تسألي فقط كوني تلك الصورة التي ترسمينها في مخيلتك ، أريد أن تكون ابنتي حرة ، أن تحيا بهناء .

لا تنسي يا ميرال أن لك أما تحبك أكثر من نفسها ، في باقي الصفحات ستجدين كل ما يشغل بالك ، سأجيب على كل الأسئلة التي تطرحينها "

قرأت ميرال الكلمات و هي تتضرع شوقا ، و ما من أحد يشهد على ألمها سوى دموعها ، كم هو مؤلم أن تريد شيئا بشدة و تشعر باحتياجك إليه لكنك لا تستطيع الحصول عليه ، كم هو مؤلم أن ترى الأشخاص كأصنام جامدة لا تتحرك إلا إن حركتها أنت ، تشعر بأنك تعيش دون فائدة ، داخلك فارغ ، تنتظر لأمل كاذب رجوع من هم راحلا ، تكذب الحقيقة و تصدق كذبة حلوة .

Blue GreyWhere stories live. Discover now