| 4 | القـط والفأر

364 40 39
                                    




.

وقفت بلا حراك خلف النيران التي التهمت الطاولة، عيناها ثابتتان لا ارتباك ولا تردد يتسلل إلى ملامحها..

الوسط ثقيل بالتوتر وصوت الضجيج يعم المكان؛ صرخات رجال الشرطة وأوامر رجال الإطفاء تتداخل مع بعضها، فيما صفارات الإنذار تخترق الهواء، خطوات ثقيلة وارتطام المعدات بالأرض تزيد الفوضى في الخلف.

لا شك أن الأمر بدا وكأنه مهزلة غير متقنة ومفاجئة بعض الشيء؛ إذ تمكنت الشرطة أخيرًا من اكتشاف المقر السري المدفون بين أزقة بادوفا الضيقة، حيث كانت كل الأمور الغير قانونية تُدار وكأنها مجرد لعبة شطرنج في مقهى قديم.

"أظهروا أنفسكم!" قال أحدهم وهو يميل برأسه، رافعاً ساعده لتغطية فمه وأنفه بيده؛ متجنباً رائحة الدخان الكثيفة.

كانت المسافة بين الطرفين كافية، والإضاءة خافتة، مما منعهم من الاقتراب أكثر؛ حذراً من الخطر المحتمل المتواجد خلف النيران..اذ لا يدركون هويتهم او عدد الاسلحة التي قد تكون في حوزتهم.. وربما هناك أكثر من ظلينّ يختبئ خلفهم.

ستيلا بدت وكأنها منفصلة تمامًا عن كل ما يجري حولها، تراقب عيناه فحسب.. اللتان تقرآن اللامبالاة بوضوح، تخبرها أنه لا يهتم أبدًا بفكرة وقوعه في قبضة رجال الشرطة، وعدم ارتدائه لقناع كان كافيًا ليؤكد لها ذلك؛ بل اقتحم المكان سابقاً باريحية وبلا تخطيط أما هي.. على العكس تماماً.. لا تحبذ فكرة إمساكها...تصور وجودها خلف القضبان كان آخر ما ترغب في حدوثه.

أعينها توهجت تراقب بعناية وجوههم المِعتمة التي تغشاها لهيب الألسنة المشتعلة..

وحينما شعرت بالنيران تتصاعد، تمنحها ضيقاً على أنفاسها ورؤيتها، قررت أن تتخذ خطوتها الحاسمة، وفي ذات الوقت، كان همس قائدهم يتردد في أذنيها، مُشيرًا إلى خطة محاصرة المكان بأسره، من رأس الزقاق إلى أطراف شوارع المدينة الفاضلة بادوفا.

حركت حدقتيها بنظرة سريعة، تقوم بمسح بصري دقيق للمكان المحيط بها، على يمينها، كان الباب الخلفي لا يزال غير مكتشف من قبلهم، ولكن أمر القائد الذي سمعته للتو مع خطواتهم الجانبية أكد لها بأنهم في طريقهم إليه.

ابتسم هو... يراقب فشل خطتها .. حيث لم يتبقَ أمامها مِنَّ خيار ...فالهروب لم يعد متاحًا.

الا إنها ستيلا... تستطيع أخراج أبواباً من الأرض حتى!

أمسكت زجاجة فارغة من الصندوق بجانبها وأشعلت طرفها بالنيران، ثم سحبت عبوة الزيت وألقتها مع الزجاجة أسفل اقدام رجال الشرطة الذين تراجعت خطواتهم في هلع وحذر، حيث ارتفع جدار من النار بينهما تدريجياً؛ مغطياً نطاق بصرهم، إذ كان هناك نافذة محطمة جزئيًا أمامهم.

راقب ذلك بعينين شبه متسعتين وقَطَبَ جبينه.

"لا تتحركوا!".

وصولاً لعينيك | All the Ways to your eyes حيث تعيش القصص. اكتشف الآن