| 2 | معركة المـوت

658 64 53
                                    





.

---

في بُعدٍ لا يسبر غوره، حيث يلتقي اللامرئي بالملموس، ويتَجلى بِرابط خفي بين الظلام والشر كعلاقة أبدية لا نهاية لها! تترابط خيوطها في شبكة من المكائد التي لا يُمكن الهروب منها، حيثَّ يصبح الشر قوة متسللة ، يحركها عقل لامع، تائه في تفاصيل الخُطَطَ الخبيثة، موقن بأن كل خطوة تُقربه من الانتصار النهائي.

وفي هذا العَالم الذي أحتَضنَّ أرواحاً بِدماء مُدَنسة وقلوباً سوداوية، يختفي السَليم والمَعقول والمُحكَم.. لِيحل مكانها فَوضى عارمة من التَضليل والفِجور؛ إذ على تِلك الأراضي يكمن أولئك الذين يُتقنون فنَّ الخداع، يحركون الجِثث في مسرحٍ لا يُرى إلا لمَن يَتشبث بِشبكة الآثام والشُرور التي نَسجوها.

الأراضي هنا ليست مُجَرد رقعة جغرافية.. بل هي ممَلكة مِنَّ الظلام والجُور التي تَمتزج فيها الدسائس مع التنَاقُضَات، حيث يتحول كل شيء إلى بؤرة من الدِماء والخَفايا... حيث تَسكُن تلك الأرض الكئيبة والآثمة أرواحاً عائِدة الى سُلالَة عَريقة لطالما.. جَعلتَّ كل الحقائق خَاصتها... مُجَرد سراب في صحراء قاحِلة من الأكاذيب الفاسِـدة.

سلالة.. آل ماكميلان.

وفي عالمِهم.. كان الظَلام قوة... كان كيانٌ ينبض في قلوبهم يَلتفَّ حول عقُولهم ويبتلعها بهدوءٍ حتى أصبح الوِدَّ والوجدان والحب نسبيّاً.. مطموساً خَلفَّ جدرانهم المُقَدسة.

ومِنَّ دمائهم تِلك.. كانت "هي" تتواجد.. صاحبة الخُصَلات البيضاء الطويلة.. واحدة من أولئك الذين يجِدون في الظلام ملاذاً، لا خوفاً ولا رهبة، بل انجذاباً غامضاً..

لكنها لم تَكُن كَمنَّ إصطف بجانبهم يُقَبل أياديهم ويحصل على مُبَاركتهم..
بل كانت منَّ زاد ظَلامهم سواداً.

لإنها ستيلا..
من تهوى كل ما هو مُبهَم، خَطير ومظلم.

لكن ليس بتلك الطريقة..
وبالتأكيد ليس اسفل قماش أسود كَريه الرائحَة .

هواء المُكَيَّف يَنتَشِر بلُطفٍ في المكان، مُختلطًا برائحة المِسكِ القَوية التي تملأ الأجواء.. أصواتُ تَمتماتٍ خفيفة تدور من حولِها، بالكادِ مسموعة، بينما تَجلِس باسترخاء على كرسي جلدي مريح.

تحركت بخفة تمدد عظامها المُتَشنجة بفعل جُلوسها المُطول والثابت.

"استيقظت"
صوتٌ هامس ذو نبرة غَليظَة وحازمة اخترق أذنَيها ، يَجبُرها على أن تَفتح عينيها بسرعة، لتحرر رموشها فورًا من سَباتها العميق، نِيَّةً منها في إيجاد طَريقة للتصرف سريعًا؛ إلا أنَّ ثواني قصيرة مرت قبل أن تشعر بالقماش يُنتزع عنها بقوة نَفضتَّ جسدها، رمشت بِفعل الضوء الذي دَاهم حدقتيَّها قَبل أن تُحرِك أصابعها بتخدُّر.

وصولاً لعينيك | All the Ways to your eyes حيث تعيش القصص. اكتشف الآن