-ها قد أوشكت على الإمساك بيدي، اقترب....امسكها...امسكها!!!
حاول الصغير التشبث بيدها، لكن خارت قواه.
-لا!!
دوت صرخة الصغيرة وهي تحاول إنقاذ صديقها.
.....
أخذت تتصبب عرقاً وأنفاسها متسارعة، وصدرها يعلو ويهبط بصورة غير منتظمة.
فتحت عينيها وأنفاسها متلاحقة، ثم استقامت بجزأها العلوي، وأخذت تجيل عينيها في المكان، لتمسح بيدها على وجهها وقد تسللت دموعها إلى وجنتيها، فقد أُرهق بدنها وذهنها من هذا الكابوس الذي يراودها كل ليلة.
نظرت تجاه الشرفة، إنه الصباح بالفعل وعليها النهوض.
تنهدت وهي تحاول جمع شتات نفسها ثم وطأت قدماها على الأرض متجهةً نحو المرحاض......
نزلت لأسفل وقد انكمشت ملامحها وأخذت تسعل من رائحة الدخان.
..
أدارت مقبض الباب ثم فتحت باب المعمل، لتهب رياح قوية من الدخان في وجهها.
سعلت بقوة متمتمةً:
-أ..أبي؟!
خرج والدها من بين الدخان،ووجهه قد طغى عليه لون الرماد.
-ص..صباح الخير صغيرتي.
نبس بشرود، لتردف بقلق بعدما اقتربت منه:
-أبي!، هل أنت بخير؟
نظر لها ثم إلى حال الغرفة وكأنه أدرك للتو ما حدث، ليومئ بشرود.
تنهدت ثم قامت بفتح النافذة؛ ليخرج الدخان.
عادت إليه ثم تنهدت:
-هل انفجر الاختراع مجدداً؟
اومأ بخيبة أمل وهو يجلس على المكتب، ثم نبس ببصيص من الأمل:
-لكنني سأحاول مجدداً وسينجح حتماً، لا بد أن ينجح.
تنهدت ثم نبست بلطف:
-أبي، أرجوك...أنا أعلم أنك ستفعلها، لكن انظر إلى وجهك!، حمداً لله أنه لم يتأذَ و لكن هل سننتظر إلى أن يصيبك مكروه؟، كما...لمَ ترفض إخباري دائماً بما تحاول صنعه؟
نزع عويناته ثم نبس بإبتسامة دافئة:
-إنها مفاجئة، لكنني واثق أنها ستعجبك حالما أنتهي من صنعها.
تنهدت ثم نبست:
-حسناً، علي الذهاب إلى الجامعة الآن، أتمنى ألَّا يحدث شئ كهذا مجدداً أثناء غيابي، أرجوك أبي.
همهم لها، لتتنهد بقلة حيلة؛ فهي تدرك تماماً أنه لن يستمع إليها كعادته.
......
اتخذت طريقها إلى الجامعة برفقة صديقتها جيني.
-جوليا!!،هل تسمعيني؟..
أيقظها صوت صديقتها من شرودها لتتمتم:
-ها؟،أجل..ماذا كنتِ تقولين؟
عبست جيني:
-أتمزحين معي!، لقد أخبرتك كل شئ بالفعل.
تنهدت جوليا قائلةً:
-أعتذر جيني، فقط...شردت بعض الشئ.
-هل عادت إليكِ تلك الكوابيس مجدداً؟
تساءلت جيني بقلق، لتجيبها جوليا بهدوء:
-هي لم تتركني لتعود، الأمر يتكرر كل ليلة، وبكل المرات، يحاول إخباري بشئ...
نظرت إلى جيني قائلةً:
-وكأنه يحاول إخباري أنه لايزال معي، وأنه حي..لم يمت.
عقدت جيني حاجبيها:
-ألم يتأكد خبر وفاته بعد؟
-بلى، لكنني أشعر أنه حي...
نبست وهي ترفع مقلتيها إلى السماء:
-بكل مكان، أشعر بوجوده، لكنني لا أستطيع رؤيته.
ربتت جيني على كتفها قائلةً بابتسامة دافئة:
-سيصبح كل شئ على ما يرام، لا أعلم متى، لكنني واثقة أنكِ ستتخطين الأمر.
ابتسمت جوليا في هوان ثم استطردت قائلةً:
-هيا حتى لا نتأخر عن المحاضرة.
.....
كانت تنقر بقلمها على رأسها وهي تحملق بالكتاب في شرود، إلى أن أخرجها من شرودها تلك الكرة التي استهدفت وجهها دون غيرها.
....
فتحت عينيها بتثاقل وكل ما رأته كانت علامات القلق على وجوه من حولها.
ساعدها أحدهم على النهوض مكرراً إعتذاره:
-أنا أعتذر حقاً، لم أقصد إصابتك.
نظرت له لبرهة وهي تحاول إستيعاب ما حدث.
أغاثها قدوم جيني التي تفحصتها بقلق:
-هل أنتِ بخير؟، هل تؤلمك رأسك بشدة؟....
أضافت جيني بتهكمية مخاطبةً الفاعل:
-وأنت أيها الأحمق..ألا ترى أمامك!
أمسكت جوليا يدها لتوقفها قائلةً:
-لا داعي جيني، لقد اعتذر، هيا بنا.
-كلا، دعيني ألقِّن هذا ال....
قاطعتها جوليا بسحبها من يدها لخارج الملعب.
....
-يااا!!، كنت سألقنه درساً لن ينساه طيلة حياته!
زمجرت جيني بغضب، لتتنهد جوليا ثم نبست بهدوء:
-لقد اعتذر جيني، كما أنني بخير، لذا لا داعي.
تأفأفت جيني ثم نبست:
-حسناً، هيا بنا لنذهب.
نفت جوليا بهدوء:
-ليس بعد؛ فعلي تسليم الأبحاث، يمكنك الذهاب أنتِ وأنا سأهاتفك عندما أعود للمنزل.
-هل أنتِ متأكدة؟
اومأت جوليا بإبتسامة مطمئنة، لتومئ جيني بلطف ثم ودَّعتها وذهبت.
...
جلست بالكافيتريا تراجع أبحاثها قبل أن تقوم بتسليمها، لتقع عينيها على تلك اليد التي وضعت مشروب أمامها.
رفعت مقلتيها لتنظر لصاحبها، ولم تجد سوى صاحب تلك الإبتسامة اللطيفة.
-أيمكنني الجلوس؟
-أ..أجل.
جلس أمامها ثم مدَّ يده لمصافحتها قائلاً:
-أُدعى جيمين.
ابتسمت بخفة ثم صافحته قائلةً:
-وأنا جوليا.
تحمحم ثم أردف وهو يحك مؤخرة رأسه:
-أعتذر عن اصطدام الكرة برأسك، لم أقصد هذا حقاً.
ابتسمت بخفة:
-كلا، لا بأس، كما أنني بخير الآن.
ابتسم وهو ينظر لها بأعينه اللامعة:
-خشيت أن تقتلني صديقتك.
-اوه، إنها عكس ما تبدو عليه، هي فقط حريصة على من تحب.
تحمحم قائلاً:
-لابد أنها تعشقك كثيراً.
ابتسمت بلطف:
-بالطبع، فنحن صديقات منذ الروضة.
همهم بتفهم، لتستقيم قائلةً بابتسامة رقيقة:
-أعتذر، لكن علي الذهاب الآن، سعدت بلقاءك.
استقام بدوره ثم صافحها قائلاً:
-وأنا أيضًا، أرجو أن نصبح أصدقاء بالمستقبل.
ابتسمت بخفة وكادت أن تذهب لكنه أوقفها بقوله:
-ماذا عن العصير!، لقد جلبته خصيصاً لكِ تعبيراً عن اعتذاري.
مدَّ يده التي تحمل العصير لها، لتبتسم على لطافته ثم أخذته منه قائلةً:
-شكراً لك...
أضافت ملوحةً له:
-وداعاً، جيمين.
لوح لها بدوره وهو يراقب ظهرها إلى أن اختفت عن أنظاره تدريجياً.
.......
دلفت إلى ردهة المنزل وقد اجتاح المنزل سكون مريب.
-أبي، لقد عدت.
نبست وهي تجيل عينيها في المكان بحثًا عنه.
...
دلفت إلى معمله لكنها لم تجده أيضًا، لتقرر البحث عنه في أرجاء المنزل.
....
تنهدت ويداها تستقر على خصرها بقلة حيلة.
-أين يمكن أن يكون قد ذهب؟، إنه قلَّما ما يخرج.
جفلت عندما فُتح باب المنزل فجأة، ولم يكن سوى والدها الذي أتى حاملاً أكياس طعام.
شقت الإبتسامة ثغرها ثم نبست بعدما حملت عنه الأكياس:
-لقد خشيت أن يكون قد أصابك مكروه.
نبس بإبتسامة دافئة:
-أنا بخير، فقط خرجت مع صديقي وجلبت بعض الطعام.
ابتسمت بلطف:
-حسناً، هيا فلتبدل ثيابك إلى أن أحضِّر طاولة الطعام.
همهم ثم ذهب لغرفته، وشرعت هي بدورها بتحضير طاولة الطعام.
.....
خيم الوجوم عليهما ولم يعد يُسمع سوى صوت ارتطام الملاعق بالأطباق، لتتنهد ثم نظرت له قائلةً:
-أبي...
رفع بصره لها، لتكمل:
-هل تأكد خبر وفاة جونغكوك؟
سكنت حركة يده وارتخت الملعقة من يده، ثم نظر لها قائلاً بهدوء:
-لمَ هذا السؤال؟
-ولمَ بكل مرة أسألك تستطرد الأمر!...
أضافت وهي تنظر له برجاء:
-أرجوك أبي، أخبرني الحقيقة.
تنهد بعمق ثم تمتم بهدوء:
-أنا حقاً لا أعلم صغيرتي، فكما تعلمين...لقد كان الحادث الذي تعرَّض له هو ووالديه مروع، لكنهم لم يجدوا سوى جثمان والديه، أما هو...فقد أكدوا أنه لابد وأن جسده سقط بالبحر، ولكنهم لم يتمكنوا من العثور عليه، هذا كل ما أعلمه عن الأمر.
صمتت لبرهة ثم نبست:
-ألم تتحدث عائلته عن أي شئ من هذا الأمر؟
نفى قائلاً:
-كلا، لقد أقرُّوا أن جميع أفراد الأسرة ماتوا، وبذلك تمكنوا من الاستيلاء على ثرواتهم.
عقد حاجبها بتعجب:
-ثرواتهم!، وماذا كانت ثرواتهم؟
-كانوا يمتلكون شركة شهيرة للعقارات، بالإضافة إلى أشياء أخرى، لكن أهمهم كانت تلك الشركة، فهي من أشهر شركات كوريا الجنوبية إلى يومنا هذا.
تساءلت بهدوء:
-أين تقع هذه الشركة؟
صمت وهو يحاول التذكر، ثم نبس:
-لا أتذكر سوى أنها شركة جيون للعقارات، لكن يمكنكِ البحث عنها على الانترنت، حتماً ستجدين كل شئ عنها.
اومأت ثم استقامت متجهةً إلى غرفتها.
-ألن تكملي طعامك!!
-كلا،لقد امتلأت!
هتفت قبل أن تدلف إلى غرفتها مولية الباب ظهرها.
...
جلست على فراشها بعدما جلبت حاسوبها وشرعت تبحث عن كل ما يخص تلك الشركة.
-جيون..جيون..جيون!
هتفت بسعادة عندما وجدتها، وأخذت تقرأ كل شئ عنها.
-المؤسس جيون كانغ داي!
عقدت حاجبيها بدهشة:
-هذا ال**!، لقد استولى على ممتلكاتهم وجعل من ذاته المؤسس!
أرجعت شعرها للخلف بغضب ثم أكملت قراءة المقال.
...
أغلقت حاسوبها ثم تنهدت بقلة حيلة قبل أن يقطع حبل أفكارها رنين هاتفها.
...
-مرحباً جيني.
أجابتها جيني بحماس:
-لقد سجلت اسمك معي للرحلة وسنذهب بعد غد!
-ماذا!،لماذا لم تخبريني جيني!، تعلمين أنني لا أحب الرحلات!
قهقهت جيني:
-لهذا لم أخبرك.
تنهدت قائلةً:
-جيني، أنا حقاً لا أحب تلك الأجواء!
-لقد فات الأوان عزيزتي، وداعاً!!!
..
ألقت بجسدها على الفراش وهي تحملق بالسقف، ثم أغلقت عينيها بإرهاق من كثرة التفكير بالأمر.
-أرجوك....عُد إن كنت حي، لقد أرهقني التفكير بك، أرجوك.
همست بضعف قبل أن تغط بنوم عميق.
....
-10 a.m-
كانت ترسم أشكالاً عشوائية بدفترها وهي شاردة الذهن، إلى أن قاطع شرودها يد جيني التي لوحت أمام وجهها:
-يااا!،ألا تسمعيني!
تنهدت ثم أغلقت دفترها:
-أعتذر جيني،لقد انشغلت بالتفكير بأمر ما.
أسندت جيني ذقنها على راحة يدها متمتمةً:
-أيمكنني معرفة بماذا؟
نظرت جوليا لها لبرهة ثم حملت حقيبتها قائلةً:
-علي الذهاب إلى مكان ما، سأعود مجدداً.
-ماذا!،إلى أين؟
استقامت جوليا:
-سأخبرك لاحقاً، وداعاً!
لوحت لها ثم ذهبت سريعاً.
....
جلست تهز قدمها بتوتر وهي تنظر إلى الساعة بين الفينة والأخرى.
-آنسة جوليا، تفضلي رجاءً.
انتبهت لصوت السكرتيرة، لتومئ بإبتسامة ثم تبعتها.
...
وقفت أمام المكتب تنظر إلى اللوحة المعلقة على الباب "جيون كانغ داي" ثم أخذت نفساً عميقاً وأدارت مقبض الباب........
يتبع.........
YOU ARE READING
The Robot
Romance-لقد ظللت أبحث عنك لأعواماً! -مَن أنتِ؟ ...... -هذا أخر ما تبقى منه سيدي، صورته. نزل النبأ كالصاعقة على والدها الذي استلم صورة لصديق طفلته بملامح يعتصرها الحزن؛ خشيةً أن يفطر قلب صغيرته التي تجلس بحماس بإنتظار أن يأتي ليدعوها للعب ككل يوم، إلى أن ذل...