ظلت جالسة ولم يحرك لها ساكناً وهي تهز قدمها بنفاذ صبر من هذا الرجل الذي لم يعيرها أي اهتمام منذ الأونة التي دلفت بها إلى هذا المكتب البائس.
-سيد كانغ داي!
نبست وهي تحاول كبح غيظها، ليرفع لها مقلتيه لوهلة ثم أعاد بصره للأوراق التي بيده، ولم تمض سوى بضع ثوانٍ ونهض من كرسيه الذي يكاد ينثقب من كثرة جلوسه عليه.
وضع الأوراق بخزانته ثم أغلق عليها بمفتاح عتيق، وعاد للجلوس مجدداً.
تنهدت وهي تعصر على قبضة يدها ثم انفرجت شفتيها بنية الحديث لكن لم يحالفها الحظ لأنه بالفعل هاتف أحدهم.
انتفضت من مكانها بغضب ثم وضعت أمامه صورة لطفل متمتمةً بامتعاض:
-أريد أن أعلم ماذا حدث لهذا الطفل الذي بالصورة!!
سكنت مقلتيه على الصورة للحظات قبل أن يغلق هاتفه ويضعه جانباً.
نظر لها بأعينه الذابلة متمتمًا بصوته الغليظ:
-من أين جئتِ بهذه الصورة؟
أطلقت "تشه" ساخرة ثم كتفت يديها قائلةً بهدوء:
-إذاً أنت تعلم من هو.
نبس بتهكمية:
-أجيبيني!،من أين جئتِ بهذه الصورة؟!
-لن أخبرك إلى أن تخبرني كل شئ عنه، وأين هو الآن!
ابتسم بإستهزاء ثم أرجع ظهره للخلف:
-إن كنتِ على علم به جيداً ستعلمين أنه توفي منذ زمن.
ابتسمت بسخرية ثم تنهدت بقلة حيلة:
-سيد كانغ داي!،لقد توقعت أن تكون أكثر ذكاءً من ذلك.
نبس بغضب:
-التزمي آدابك وإلا سأطلب لكِ الأمن لطردك!!!
جلست واضعةً قدماً فوق الأخري ثم نبست بهدوء:
-إذاً دعك من تلك الترهات، لأنني على يقين أنه على قيد الحياة، لذا...أين هو؟
-ومن أنتِ أيتها اليافعة لأتحدث إليكِ!
تنهدت وهي ترجع شعرها للخلف ثم نظرت بعينيه متمتمةً:
-ومن أنت لتجلس على هذا الكرسي الذي ليس ملكاً لك؟
ارتبك لبرهة لكنه أجاب بغضب:
-أنا من سيخرجك من هنا الآن!
نبس وهو يرفع سماعة الهاتف لكنها أغلقتها قبل أن يفعل.
-أعدك، أنك لن تظل هنا طويلاً، وداعاً..سيد....جيون كانغ داي!
نبست بإبتسامة وديعة قبل أن تستدير وتخرج تاركةً إياه يشتعل غضباً.
.....
مدت لها جيني كوب القهوة قبل أن تجلس بجوارها.
-ألم يخبرك بشئ عنه؟
تنهدت جوليا نافيةً:
-كلا، لكن بدى عليه الإرتباك.
نظرت إلى جيني قائلةً:
-أنا على يقين أن هذا الرجل يخفي شيئاً.
ارتشفت جيني من قهوتها ثم نبست:
-وما الذي يجعلكِ واثقة من هذا؟، ربما هو حقاً لديه الأحقية بإدارة الشركة، كما لا تنسِ أنكِ تتحدثين بلغة الاحتمال، فأنتِ حتماً لا تعلمين إن كان حي أم ميت وإن كان حي...فأين هو الآن؟
تنهدت جوليا وهي تحدق بالأرض ثم رفعت مقلتيها لتقابل أعين جيني متمتمةً بحزم:
-سأجده...سأجده جيني، فأنا واثقة أنه لم يمت، وأعلم أنه...أنه على قيد الحياة....
أضافت بنبرة تشوبها المرارة:
-لقد وعدني أنه لن يتركني جيني، وأنا واثقة أنه لن يخلف بوعده.
ضمتها جيني إلى صدرها مربتةً على رأسها وهي تتمتم بنبرة مطمئنة:
-لا بأس، سيصبح كل شئ على ما يرام، ربما ليس الآن..ليس اليوم..ولا حتى الشهر المقبل، ولكنني واثقة أن كل شئ سيصبح بخير.
عكَّر صفواهما قدوم جيمين كما اعتقدت جيني، ليردف بإبتسامته اللطيفة:
-مرحباً.
أدارت جيني مقلتيها في ضجر، لتستقيم جوليا ثم صافحته قائلةً بإبتسامة رقيقة:
-كيف حالك جيمين؟
همهم وعينيه ترتكز على جيني:
-بخير.
انتبه لها قائلاً بلطف:
-أرجو أن تكون رأسك بخير الآن.
-لقد نسيت الأمر بالفعل، لكنني بخير الآن.
استقامت جيني و نبست وهي تلمزه ببرود:
-هيا بنا جوليا، ستفوتنا المحاضرة.
تحمحم جيمين ثم نبس وهو يحاول كتم ضحكته:
-لقد انتهى اليوم الدراسي بالفعل، والجميع يذهب الآن.
جزًّت جيني على أسنانها في امتعاض ثم سحبت جوليا من يدها:
-هيا نذهب!!
-تمهلِ جيني!
لم تعطها جيني مجال للنقاش وأخذتها للخارج بسرعة البرق، بينما جيمين يراقبها بأعين مبتسمة ثم أرجع شعره للخلف مقهقهاً على لطافتها.
....
انفجرت جوليا ضحكاً عليها، بينما جيني تتأفأف بغضب.
-ماذا حلَّ بكِ جيني!، لقد جاء لإلقاء التحية فقط!
حدجتها جيني بنظرات حادة، لتغمز لها جوليا:
-هل أنتِ....
قاطعتها جيني بتهكمية:
-بالطبع لا!!!
-اوه، وكيف علمتِ ما كنت سأقول؟
تلعثمت جيني بالكلام، لتقهقه جوليا ثم أردفت بلطف:
-أستطيع قراءة عينيكِ جيني، لكن تهربك منه بهذا الشكل لن يُحدث تغييراً سوى أنَّ الأمر سيرهقه وربما تفلح غيرك بإيقاعه بشباكها، لذا...لا بأس أن تعطيه فرصة.
نبست جيني بغضب لطيف:
-و...وما الذي يجعلكِ تتحدثين بثقة هكذا!، أنا..لست واقعة لهذا القصير ذو العضلات السداسية!!!
تنهدت جوليا بقلة حيلة:
-مازلتِ عنيدة كما أنتِ.
عبست جيني، لتردف جوليا بإبتسامة مطمئنة:
-هيا بنا لتناول الغداء إذاً ودعينا من هذا الأمر الآن.
...
جلسا بأحد المطاعم الفاخرة التي أصرت جيني على اصطحاب جوليا إليها، لتتنهد جوليا في تبرم من أجواء هذا المطعم على عكس جيني التي انسجمت مع معزوفة بيتهوفن سريعاً.
وضع النادل الطعام على الطاولة، لتبتسم جيني بحماس ثم شرعت بالأكل.
قهقهت جوليا ثم أخذت تأكل بدورها.
كانت جيني تأكل بإستمتاع إلى أن لاحظت جوليا عبوس وجهها دون سابق إنذار.
عقدت جوليا حاجبيها بتعجب ثم أدارت وجهها لتنظر إلى أين تنظر جيني، ولم يكن سوى جيمين جالساً برفقة أصدقاؤه تتعالى ضحكاتهم في أرجاء المكان.
أعادت جوليا انتباهها لجيني، لتقهقه بلطف على ملامح جيني المنكمشة.
-يااا!!، توقفي عن النظر إليه قبل أن يلحظك!
انتبهت لها جيني ثم نبست في إمتعاض:
-ما الذي جاء به هذا!
-جيني!، هل هذا المطعم ملكك وأنا جاهلة عن الأمر؟!، بالطبع من الممكن تواجده هنا صدفةً!
ابتسمت جيني بسخرية وهي تلمزه في غيظ:
-صدفة!،أشك بهذا!
تنهدت جوليا بقلة حيلة، لتتسع حدقتا عيني جيني بصدمة ثم التقطت قائمة الطعام وأركزت عينيها فيها دون أن تحركهما يسارًا أو يميناً.
عقدت جوليا حاجبيها بتعجب وانفرجت شفتيها بنية التحدث لكن جيني قاطعتها:
-ششش!،تظاهري بعدم رؤيته!
-مَن؟
تحمحم جيمين حالما وقف أمام طاولتهما، لترسم جوليا ابتسامة وديعة سريعاً:
-اوه، جيمين..ماذا تفعل هنا؟
نبس وهو ينظر إلى جيني:
-جئت لتناول الطعام برفقة أصدقائي....
أكمل بإبتسامة بريئة لم تخدع جيني وهو يوجه حديثه إلى جوليا:
-ولكن لحسن حظي أنني وجدتكما.
همهمت جوليا قبل أن يقاطعها رنين هاتفها.
عقدت حاجبيها بإستغراب عندما وجدت والدها المتصل، لتلتقط هاتفها ثم استقامت نابسةً بلطف قبل أن تتجه نحو الخارج:
-معذرةً.
لمزتها جيني بنظرات وكأنها تحاول إخبارها أن لا تتركها لكن جوليا بالفعل أخذت بخطاها متجهةً نحو الخارج.
جلس جيمين أمام جيني ثم أخفض قائمة الطعام عن وجهها بيده، ثم نبس بنبرته العميقة وهو يبتسم بلطف:
-مرحباً!
......
-مرحباً أبي، هل أنت بخير؟!
أجابت جوليا بقلق، ليقهقه والدها عليها:
-أجل أنا بخير.
تنهدت بأريحية واضعةً يدها على قلبها ثم أردفت بهدوء:
-إذاً، هل حدث شئ؟
نبس بحماس:
-بالطبع!، وعليكِ المجيئ الآن.
-لكنك تعلم أنني برفقة جيني الآن أبي.
-الأمر لا يحتمل الإنتظار، ثقِ بي!
تنهدت ثم همهمت بتفهم:
-حسناً، سآتي الآن.
-رائع!
..
تنهدت وهي ترجع شعرها للخلف بقلة حيلة ثم عادت إلى المطعم مجدداً لإخبار جيني.
....
كادت أن تتجه نحو جيني، لكنها توقفت بمكانها عندما وجدتها تبتسم وتتبادل الحديث مع جيمين.
ابتسمت بخفة ثم قررت الذهاب دون مقاطعتهما......
دلفت إلى ردهة المنزل بعدما نزعت حذائها، لتلقي بمفاتيحها على الطاولة في إهمال ثم دلفت إلى معمل والدها عندما هتف بإسمها للمجيئ.
....
نظرت له بملامح مرهقة على عكس علامات وجهه التي توضح أنه على وشك الانفجار من الحماس بأي لحظة.
اقترب من شئ يبلغ طوله حوالي 179 متراً، مغطى بغطاء أبيض يستره بالكامل.
عقدت حاجبيها بتعجب:
-ما هذا أبي؟!
-أغلقِ عينيكِ.
نبس بإبتسامة دافئة، لتنصاع إلى أمره.
-حسناً، والآن..يمكنكِ فتحها.
.....
تجمدت بمكانها وقد اتسعت عينيها في ذهول وهي تحاول استيعاب ما ترى، لتتراجع بضعة خطوات إلى الخلف حتى كادت تصطدم بالجدار......
يتبع.............
![](https://img.wattpad.com/cover/357674686-288-k860590.jpg)
YOU ARE READING
The Robot
Storie d'amore-لقد ظللت أبحث عنك لأعواماً! -مَن أنتِ؟ ...... -هذا أخر ما تبقى منه سيدي، صورته. نزل النبأ كالصاعقة على والدها الذي استلم صورة لصديق طفلته بملامح يعتصرها الحزن؛ خشيةً أن يفطر قلب صغيرته التي تجلس بحماس بإنتظار أن يأتي ليدعوها للعب ككل يوم، إلى أن ذل...