الفصل السابع

156 19 3
                                    

الفصل السابع

هذا العالم أسوء بكثير مما نعتقد ، أسوء حتى من الكوابيس التي تجعلنا نستفيق بهلع على الأقل ،أما الواقع ليست له مزية كهذه لا راحة لنا فيه من الهلع ، حتى اللحظات الجميلة التي نسرقها منه تترك بوجداننا ثغرات لا شيء يصلح لملأها ، هذا الشر الكبير الذي يسيطر على البشر يشبه موهبة خاصة تتقنها فقط أراوح مظلمة لا منفذ لإيمان ينيرها .. إنها مخيفة حقا لا ترحم!
***
بدأت ملامح  الصباح تنفرج عن الفجر الأرجواني ، هناك بزقاق خلفي مظلم لملهى ليلي رخيص كان يستند أديليو على الجدار بينما رامون يقف قبالته يشرح له ما توصل إليه من معلومات فقال أديليو باستغراب :
- هل أنت متأكد من أن الشحنة تتعلق بتهريب مجوهرات ؟
- لقد سمعتهم بأذني سيدي الكوميسار
- لا أظن ذلك! تهريبهم للمجوهرات لا يتم عن طريق الشحن ، هناك شيء آخر يسعون إليه ، تحقق مجددا من هذا وليكن في أسرع وقت رامون!
- سأحاول أقصى جهدي! بعد عملية الاغتيال أصبح التجسس صعبا إنهم يقظون جدا وثقتهم معدومة حتى في ظلالهم .
انكمشت ملامح الضابط و قال بهم :
- وهذا أيضا هم كبير يا رامون!  الأخطبوط تمادى هذه المرة وحسابه أصبح كبيرا جدا ، لم يعد الآن يهمني شيء أكثر من قص أذرعه وقطع رأسه .
- لا أظن أن الأخطبوط له علاقة بما حدث ، إنه مختف منذ مدة!
- سيظهر يا رامون سواء كانت له علاقة أم لا ، افتح عينيك جيدا و وافني بكل ما هو جديد وانتبه جيدا الخطأ يكلفك روحك!

التفت مغادرا بينما بقي رامون مكانه لبعض الوقت يفكر في الخطوة القادمة ، راودته فكرة أن يدعي الثمالة ويمثل النوم بين الحاويات لربما يسمع ما يفيده ... وفعل.

أحرقته شمس الضحى وزادت من رائحته البشعة وهو مستلقي بإهمال فوق حاوية صغيرة بالقرب من مكان استراحة العمال ، مرت ساعات ولم يسمع شيء و هو لا يزال يتقلب على جانبيه مصدرا طقطقة كلما تحرك يردفها بكلام غير مفهوم كحال هلوسة الثمالة ، أخيرا لفت انتباههم فاقترب منه أحدهم ونهره بعنف ففتح عينيه وادفع نحوه يتمايل فدفع بعيدا مطلقا لعنة بسبب رائحته النتنة فاقترب الجميع منهما و لا يزال رامون يتفوه بكلام غير مفهوم ويقوم بحركات مضحكة .
- ماذا هناك ؟
- سكير رائحته كالجيفة ينام هنا ؟

- مهلا مهلا  إنني أعرفه هذا رامون .

قالها أحدهم وقد تعرف عليه ، أمسكه من ذراعه وقال :
- ماذا تفعل هنا هل عدت إلى العمل مجددا ، لم فعلت بنفسك هكذا يا أحمق ؟
ساعدوني لحمله إلى الداخل وتنظيفه الشمس تزيد من حالته سوء .

قال رئيسهم معترض :
- دعه لحاله سيستفيق ويرحل لا يمكننا وضعه بيننا .

ضاعف رامون من حركاته الخرقاء من أجل أن يثير شفقتهم ويصدقوا أنه لا يعي شيء ومع ذلك كان قرار رئيسهم حاسما لا نقاش فيه فتركوه مكانه وغادروا فاستلقى بغضب وهو يلعن رئيسهم  فعزم أن يبقى على حاله حتى لو استغرق منه الأمر أيام ، بينما هو كذلك اقترب منه الرجل الذي تعرف عليه وقام بإسناده و هو يقول :
- لا يمكنني تركك هكذا ، لا تحدث جلبة حتى لا يرمينا الرئيس خارجا .

نيجار(الشعلة التي أنارت درب الصواب)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن