الفصل الحادي عشر

134 18 4
                                    

الفصل الحادي عشر

" الشعلة التي أنارت درب الصواب لبداية جديدة"

بين الألم و الأمل تغيّير حرفان و بيننا و ذنوبنا غفران و بين الحزن و الفرح إيمان،
نحتاج فقط لاختيارٍ صحيح، نحتاج فقط لمعرفة كينونتنا.. ما نحن عليه حقا، أيّ جانب منّا يستطيع التغلب في صراع الخير و الشر، نحتاج أن نبصر النور في القاع الذي غرقنا فيه حتى ننجو، والمهم أن ندرك أننا ناجون لا منتصرون، بطبيعة الحال لا شيء بدون ثمن..
****
إشبيلية ...
  علمت لانا بوصول نيجار إلى المشفى بعد انتهاء عمليتها حيث أخبرها الطبيب أن أندرو في حالة مزريّة يقف أمام باب غرفتها دون أن يدخل إليها ، طلبت المساعدة من إحدى الممرضات و توجهت نحوه تدفع الممرضة كرسيها المتحرك ، رأته متجمدا في مكانه كما لو توقف كل شيء حوله .. الزمن.. الحركة.. الوجود بأسره و لم يبق سوى هذا الباب الذي يفصله عن سبب تعلقه بالحياة، سببه في مقاومة السوء الذي وُسِمت به روحه ...
أمسكت يده فانتفض متأوها كأنما سكينة غُرست بأحشائه فسقط على الأرض يستند بكفيّه على سطحها و حدّق فيها بعينيّن جاحظتين و شفتين مرتعشتين كان تماما كما وصفه الطبيب في حالة يرثى لها حرفيا ، قالت لانا :
- إذن حتى الوحوش تشعر بالألم ، لن أستغرب حالك هذا فقد وقف المعتصم وقفتك هذه ثلاث مرات ، أول مرة كانت بسببي ثم بسبب زوجته ثم بسببي مجددا  و صدقني اللتان كانتا بسببي كان فيهما أسوء من حالتك هذه ، خاوٍ كأن روحه متصلة بروحي كلانا كان بغيبوبة .. أعفيك من الحرج يمكنك الانهيار براحة!
دفعت كرسيها نحو الباب و فتحته فصرخ قائلا:
- لا تفتحيه.. لا ، لا .. أرجوكِ لا تفعلي .. لا تفتحيه! 
استدارت نحوه و قد كان يزحف متراجعا إلى الخلف مذعورا فقالت بنبرة غاضبة:
- قف على قدميّك وواجه !  دع مخاوفك تُسيّطر عليك قبل أن تتحجر أيها الغبي!
هذا ما شعر به كل شخص انقاد طواعية إلى الشر، ما رأيك أن يكون الثمن أختك ؟
- لا ... لا ، أرجوك لا .. !
- إنك على الحافة أندرو ، حان الوقت لتحسم اللعبة، تغلب على الظلام الذي بداخلك وقتها ستتمكن من تخطي عتبة هذا الباب و الإمساك بيد نيجار أو ...
- إنها تعلم من أنا و ماذا فعلت لن تسامحني أبدا .
- ستفعل إنه هراء روابط الدم اللعينة ،لا يمكنها أن تقسو سترغمها الأُخُوة على مسامحتك لقد فعلتُ ذلك مسبقا مع أبي وأخي ..دعك من ذلك، المهم أن تعلم أنت من تكون أنت، أي شخص أصبحت عليه.. مدى التلف الذي بداخلك ، انهض و واجه ثم عد حين تتمكن من النظر بعينيها..إننا سيئون جدا و مذنبون جدا لكننا سنحاول ،احتقرت نفسي كثير أردت أن أطفئ الغضب بداخلي والألم ..بأي طريقة !  لا حاجة في أن أذكر لك الطريقة ، كانت تبدو المثلى آنذاك ، كنت مخطئة لقد تضاعف كل شعور إلى مليون ضعف لم أعد أنا، لم أعد كيانا، لقد انحرفت و تهت .. استسلمت و مكثت في القاع، لم يكن لشيء قدرة على إعادتي حتى عائلتي بما فيها براءة التوأمين ..
أنت جعلتني أواجه ، أنرت الأمل بداخلي ، وحدك من ميّز معدني ،أنت يا أندرو أعدت لي الشعور من جديد منحتني ولادة جديدة لبداية حياة نظيفة .. تستحق العيش!
ما أخوضه الآن ليس بالسهولة التي يبدو عليها ، ليست فقط السموم من تنسحب من جسدي بل كل شيء سيء كل شيء يحمل ظلاما و شرا .. إنني أتطهر وهذا بفضلك أنت!
أتظنني سأتركك تسقط؟ سأحارب من أجل إعادتك للصواب ،لاستعادة إنسانيتك ،سأحاربك أنت حتى لا تستسلم..

نيجار(الشعلة التي أنارت درب الصواب)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن