وضع الحارس كرسي أمام زنزانة جيليب ثم دخلت سيدرا تحمل صينية طعام صغيرة فوضعتها علي الأرض أمام جيليب فأخذها و شكرها فقالت له فور أن جلست:
''أفضل من طعام السجن ، ساخن و ليس به ديدان''.
فقال لها جيليب و هو يأكل:
''كيف تصنعون هذا الطعام بدون ضوء النهار الذي كان يجعل النباتات تنمو؟ و لماذا تصنعونه شهي هكذا؟ أليس السبب أن والدتك قتلت شجرة النور هو أن تقضي علي كل البشر؟''.
فضحكت سيدرا بأناقة مميلة رأسها إلي الخلف:
''أهذا نوع النميمة التي تُقال بين السجناء؟ أخبرني إذا لماذا هي ملكة لأربع سنوات؟ ما تظنه خاطئ يا جيليب''.
فقال لها جيليب:
''إذا لماذا إختارت المدينة الفضية و لماذا قتلتها؟''.
فقالت الأميرة سيدرا:
''إنها لم تقتل أي شيء فبيوت الناس لم تمس و المحلات ظلت كما هي و لم نُزد الضرائب علي السكان ، بل أصبح الوضع أفضل و أكثر أماناً''.
فسألها جيليب رافعاً صوته قليلاً:
''و شجرة النور؟ لماذا؟''.
فقالت سيدرا بإبتسامة خفيفة:
''ما رأيك بأن أريك شيئاً؟''.
فنظر إليها جيليب حائراً ثم قالت له:
''لقد سمعتني جيداً ، لدي السلطة لكي أخرجك من هنا اليوم..الأن ، بشرط أن تعدني بألا تمسني بسوء أو تهرب مني ، ما رأيك؟''.
فقال لها جيليب:
''و ستصدقيني إذا وعدتك؟ ماالذي يجعلك تثقي بي؟''.
فضحكت سيدرا قليلاً و قالت:
''أنا أزورك منذ مدة طويلة يا جيليب ، أنت كنت من حراس المدينة من قبل و وُصفت من زملائك بالشرف و العفة ، بالطبع سأثق بك''.
أخذ جيليب يفكر كثيراً و سيدرا تنتظره بصبر واضعة يدها مقبوضة علي رأسها ؛ فقال لها جيليب أنه يعدها ألا يهرب منها فإبتسمت سيدرا بحيوية و سعادة و نادت علي الحارس فأمرته بأن يفتح باب زنزانته و يفك عنه قيوده.
فأخذته تحتضن ذراعه بذراعيها و تشده معها ليخرج من السجن لأول مرة منذ أربع سنين مما جعله يشعر بسعادة هائلة ، فأخذته سيدرا إلي داخل عربتها التي تجرها الأحصنة و أمرت سائقها أن يذهب بهما إلي حدائق شجرة النور.
و أثناء رحلتهما ظل ينظر جيليب من النافذة إلي الشوارع النظيفة و يسمع صوت ضحك الناس حوله و ينظر إلي ملابسهم المترفة و كل ذلك مُضاء بالشموع المنتشرة بكل مكان ، فقالت له سيدرا:
''لم تستطع أن تنظر خلال نافذة الهواء بالسجن أليس كذلك؟ اخبرني هل المدينة أفضل الأن أم قبل؟''.
فنظر إليها جيليب ثم قال:
''أنا لا أدري ، أيعقل أن هذا الرخاء حصاد الملكة ليلث؟''.
إبتسمت سيدرا إليه ثم أمرت السائق بأن يوقف العربة و يفتح لهما الباب ، فخرجا و إشتم جيليب نسمة هواء الشارع مجدداً ثم سأل سيدرا عن سبب التوقف فقالت له مشيرة إلي متجر خلفه:
''سأشتري لك بعض الملابس ، لا يمكنك أن تذهب إلي حدائق الشجرة بهذا القميص المقطع و البنطال الوسخ''.
فقال لها ساخراً:
''أنا أعتذر عن سوء ملابسي جلالة الأميرة فالصابون بالسجن كان يحتاج إلي تنظيف''.
ضحكت سيدرا له ثم أشارت له بأن يدخل مع سائقها و يختار أي شيء يريد ، أما هي فستكون بالمتجر الآخر الخاص بالنساء لتعدل مظهرها ، دخل جيليب المتجر فأخبره السائق أنه سيدفع ثمن أي شيء فيضعه علي حساب الأميرة.
و بعد قليل من الوقت خرج جيليب مُعطراً يرتدي سترة زرقاء غامقة تحتها قميص أبيض عليه ربطة عنق حمراء غامقة و بنطال أسود ضيق قليلاً و حذاء أسود في مقدمته نقطة حمراء ، ثم ظل واقفاً هو و السائق ينتظران خروج الأميرة من المتجر.
فخرجت سيدرا ترتدي فستان أحمر ضيق يكشف كتفيها و كثير من صدرها ، يمتد الفستان إلي أسفل حتي قدميها التي صبغت أظافرها باللون الأحمر ؛ فنظر إليها جيليب مشدود إلي حُمرة خديها و شفتيها ؛ فقالت له:
''تبدورائعاً كذلك ، أستظل واقفاً هكذا أم ستأخذ بيدي لندخل العربة؟''.
(لا تنسي الفوت و الفولو)
أنت تقرأ
فجر المملكة القرمزية
Fantasyفي عالم بعيد ، ملكة ذات شعر أحمر. تتوجها قرون علي رأسها تتصدر. قتلت شجرة النور بيديها الباردة. جالبة العتمة و البرد لأرض محتضرة. سيطرت علي العالم بقوتها الشريرة. و جمالها الغامض يثير الفزع و الرهبة. لكن الأمل لم يمت ، ينبض في قلوب الناس. ينتظرون بصب...