የልዪፕ ㊄

136 6 22
                                    

في قرية ليست بالصغيرة ، بعيدة قليلا عن وادي طليس ، بل انها ليست على طريقه ولا يؤدي عليها طريق يذكر ، قرية يفصلها الماء عن طليس ، يشتهر فيها طبيب ، حسنا لم يكن مشهورا قبل اربع سنوات ، بل لم تكن تلك القرية الا كابوس لكل من يمر بها .

سابقا عندما كان السواد مسدل ستائره على العالم كانت هذه القرية مكتظة بالناس وكانوا ذو همة وامل ان يوما ما سيختفي هذا الغبار وستعود حياتهم الطبيعية كما كانت ، الا ان اول زيارة للموت لقريتهم فجع اغلبهم وتزعزعت صلادتهم .

قيل انهم كانوا اقرباء واصدقاء وكأن القرية جميعها عائلة فلا يوجد فرد في القرية لا يعرفونه ، الا ان زيارة المرض لهم من قبل الغبار بدأت الناس فيها من فرط حزنهم على ذويهم بالانتحار بعد ان يفقد المرء ثلث ساكنين منزله ، وكانوا عابرين السبيل فيها يهرعون فزعا ورعبا من منظر القرية .

ما ان تدخل تلك القرية ورغم بساطة منازلهم الخشبية التي رصت بجانب بعضها البعض من مودة الناس فيها وحبهم لبعض ، تجد في مدخلها جثث معلقة بالحبال ، لعدة نساء ورجال انتحروا شنقا بعد ان شاهدوا ذويهم ماتو واحد تلو الاخر بسرعة مهيبة .

وما ان تتملكك الشجاعة لتعبر المدخل تجد كل شجرة كبيرة وكل مدخل منزل كبير وكل ما يستطيع المرء ان يعلق حبلا فيه ليشنق نفسه تجد  فيه جثة مسدولة بشكل مرعب ، وان زاد الفضول على خوفك لتتوغل اكثر وعلى الرغم من خلوها وتعتقد ان صرير الهواء هوا ما يغلفها الا انك ستسمع البكاء والنحيب لا يتوقف فيها .

يستمر فضولك لتدخل البيوت وتتفقدها تجد الجثث التي لم يستطع ذويها دفنها جميعها لتجد اطفالا ونساء متعفنين في بعض اركان المنزل ، او ان تجد اطفالا في انفاسهم الاخيرة بلا طعام او اعتناء لموت ابائهم ولا معرفة لهم كيفية الانتحار كما فعل معظم افراد القرية للهرب والتخلص من كل هذا الالم .

وقد تعتقد ان امرها محتوم بالابادة تماما ، الا ان في السنوات التي اختفى فيها الغبار ، اي بمعنى الخمس سنوات الماضية ، عادت بجمالها وبسكان لا يقلون قيمة عن سابقيهم ، والفضل يعود لذلك الطبيب ..

بالطبع ستسأل كيف حصل ذلك ، لنسلط الضوء اكثر على هذا الطبيب الذي كان فتى ذا احدى عشر ربيعا عندما غلفت قبة السواد العالم ، لديه عائلة يراها العالم بأسره ، ام واب واخت صغيرة بالكاد ستكمل سنتها الثانية هذا العام .

كانت عائلتهم صامدة اول ٥ سنين من ذلك الغبار المميت ، بل القرية بأكملها لم تتزعزع قوتها انذاك ، لكن الخمسة التي تليها وعلى الرغم ان وحوش الداينمو كما يحب جونغكوك تسميتها لم تزرهم البتة رغم موت ثلثهم  ، كان المرض فتك بهم على غفلة منهم ، لم يكن اي علاج طبيعي ينفع  ولم تكن قرية ذات معرفة وعلم بالطبابة والاعشاب حق المعرفة ، لذا بدأ المرض ينتشر اكثر فأكثر وعلى الرغم انه لمن المتوقع ان يصيب ضعيف المناعة ككبار السن الا انه ولشدة حزنهم لفقدهم بدأ يصيب الرجال والنساء منهم .

قتام / KTH حيث تعيش القصص. اكتشف الآن