الفصلُ الثاني || سوادُ بَحركَ المُظلمِ.

41 4 72
                                    

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


ضِـــــــــــــياء

[أصابعها البيضاءُ الدقيقة تتحركُ على مفاتيحِ البيانو بحركاتٍ سلسةٍ هادئة، تعزف لحنًا حنونًا دافئًا لا يشي بالحزن في عينيها المغمضتينِ، يهتزُ شعرها الحريري كستنائي اللونِ مع حركةِ جسدها الخفيفِ الملتفِ بالفستان الزهري الجميلِ، مُتعبةٌ هي وجسدها العليلُ لا يساعدها البتةَ، أميرةٌ بالاسمِ فقط وتحملُ التاجَ على رأسِ أنهكه المرضُ وطغا على صحتهِ، لكنّها لا تزال تقاومُ، لا تزال ترغبُ بالحياةِ بكلٍ شرايينها.. وكم بدا ذلكَ واضحًا على عيني إيميليا اليانعتين عندما فتحتهما أخيرًا بتصميمٍ خفي!]

.

.

في مشفى طبي، مدينة كــــــارلا على حدودِ مملكةِ رايتـــــــــوريكا.

- لقد توفيَّ المريض، آسفة لخسارتكم!

قالتها تلكَ الطبيبة الشابةُ وهي تسدلُ الغطاء الأبيض على وجهِ الرجلِ الراحلِ، لتسمعَ شهقاتِ الحزنِ واللوعةِ من ذويهِ وابناءهِ، لكنّها أكملت عملها برسميةٍ تامةٍ وهي تشرحُ لهم سببَ الوفاةِ واجراءاتِ الدفنِ المتبعةِ، مجيبة عن اسئلتهم بصوتٍ ثابتٍ صلبٍ، قبل أن تستأذنَ بالخروجِ من الغرفةِ تاركةً خلفها قلوبًا مكسورةً على فقيدها العزيزِ.

نزعت آليسون القفازاتِ الطبيةَ ورمت بها في أقرب حاويةٍ على طريقها بينما تسيرُ في ممراتِ المشفى، بظهر مستقيم ورأسٍ مرفوعٍ ذو ملامحَ حادة خلف إطار نظارتها الطبيةِ، شعرها الداكنُ القصيرُ مجموعٌ في ذيل حصانٍ عالي يتمايل خلفها، إنّها مستعدة أن تعملَ على علاجِ عشرات المرضى في اليوم الواحدِ على أن تُبلغ عائلة واحدةً برحيلِ أحدِ افرادها، لم تكن تتحملُ نظراتِ الصدمة على وجوههم أو ما يلي ذلكَ من الحزن والعويل الذي يجب أن تتعامل معه وتواسي وتطبطب على الجروح، لطالما كانت فاشلةً بترتيب الكلماتِ، والآن.. سيصبح مزاجها سيئًا طوال النهارِ بعدَ أن فقدت مريضًا عجوزًا منذ الصباحِ الباكرِ.

دخلت إلى غرفة العيادةِ الصغيرة التي تشغلها مع طبيبتين غيرها في هذا المركز البسيطِ والبدائي جدًا، في مدينة حدودية فقيرة على أطراف المملكةِ، لم تُسلم على أحداهن ولم تلتفت لهن حتى، بل نزعت معطفها وجلست على مكتبها تكتب التقرير الطبي عن رحيلِ الرجلِ العجوزِ بسبب خثرةٍ صغيرة وصلت إلى رئتيهِ وأغلقت مجرى التنفسِ مما جعلهُ يفقد حياته بعد محاولاتٍ عديدةٍ لانعاشهِ.

ضياء في قلبِ الظُلمةِ..!حيث تعيش القصص. اكتشف الآن