ضِـــــــــــــياء
[ للسفرِ من الجنوبِ إلى الشمالِ الشرقي حيثُ القلعة الملكية، كان على لوكا أن يوضِّب أغراضهُ قبل عِدة أيامٍ من صباحِ الاختبارِ إن أرادَ أن يصلَ في الوقتِ المناسبِ، وكان ذلكَ ما فعلهُ وهو يجهزُ نفسه للرحيل من جوانبِ هذه المزرعةِ المتراميةِ، حيث قضى فيها طفولته وصِباه، أيامه الجيدة والأخرى التي كان يتمنى ألا تُشرق شمسها، كلُ تلكَ الذكرياتِ تدافعتِ الآن أمامه، يُقبِلُ كل شبرٍ من أطرافها بعينيهِ المضيئتين واشمًا صورها في صدرهِ، لقد كانت منزله.. لكن آن أوانُ الرحيلِ لمستقبلٍ أكثرَ اشراقًا! ]
.
.
مدينة إيفـــــــــوري، مساءً.
جرَّ جايدن جسدهُ بتعبٍ بالغٍ مساءَ ذلكَ اليوم، لقد أنهى قبل قليلٍ أخرَ جلسة تدريبٍ وودّعَ الفارسَ الثاني الذي انتهت اجازتهُ عائدًا إلى القلعةِ، لقد وصلَ إلى اهلهِ قبل خمسةِ أيامٍ وكان الخاتمة التي يحتاجها جايد لإنهاء تدريباتهِ والسفر هو الأخر للوجهةِ المنشودةِ، سلّمَ على ذلكَ الفارسِ قائلًا له بعينين تتقدانِ حماسًا: سنلتقي بعد يومين فقط، هناكَ في القلعةِ تحت ذات اللواءِ!
ابتسمَ الأخرُ مجيبًا برأسٍ مرفوعة مشجعًا: لا أملكُ أي شكٍ جايد، أنّك ستنجحُ في مسعاكَ!
ودّعه عائدًا لمنزلهِ وها هو يسيرُ في الطُرقاتِ الآن ساهمًا شاردًا مُتعبًا إنّما مغمورًا بالغبطةِ والحماسِ، عندما مرَّ باثنينِ يتحدثانِ بما جذبَ انتباهه: مشعوذٌ أخر؟! لا أصدق! ظننتهم ابيدوا منذ سنواتٍ طويلةٍ..
ردَّ عليهِ الأخرُ بابتسامةٍ ساخرةٍ: هل أنتَ أحمق؟ إنّهم لا يزالون يعيشون بيننا مخفيين حقيقتهم يأكلهم الرعبُ أن يعرف أحد بأمرهم.
- وماذا حدثَ لذلكَ الذي قبضوا عليهِ اليومَ صباحًا؟
- لا أعلم، سمعتُ أنّه سيؤخذ للقلعةِ ليُحاكم، لكن من يهتم؟! سيتم اعدامه في الساحةِ العامةِ قريبًا وسترى هذا!!
عقدَ جايدن حاجبيه بغير رضا مما يسمع، والتفت مُعدلًا حقيبته على ظهرهِ، ومكملًا سيرهُ مكتفي بما سمعه من حديثٍ وقد انقبضَ قلبهُ بالحزنِ فجأة، إنّه واحدٍ من تلكَ القراراتِ الملكية التي لا يجد في نفسهِ قبولًا لها، ولا يدركُ كيف يمكن عقابُ صنفٍ كاملٍ بسبب خطئ أفرادٍ معينينَ فيه.. نعم ما حدث لا يُغتفرُ البتة، لكنَّ جيلًا جديدًا قد وُلِدَ ولا يستحق أن يعاقبَ بذنبِ أسلافهِ!
أنت تقرأ
ضياء في قلبِ الظُلمةِ..!
Fantasíaمن السهلِ أن نحبَ الضوءَ، إنّه يمثلُ الخيرَ المطلق، الصفاءَ التام! لكنَّ البشرَ غير مصنوعينَ من النور، هناكَ نقطةٌ سوداءُ تضيقُ وتتسعُ في كُلٍ منا.. من السهلِ أن نحب الضوءَ، لكن ماذا لو كانَ ممزوجًا بالظلمةِ؟! رواية عن شرف الفرسان، وحرية المتمردين...