- البارت الـ٢ .. الجزء الأول :

232 13 0
                                    


- ينظر سُهيل لشيخ قرية الشهامه نظرةٍ من عُلو سامحًا لهالة الهدوء أن تحيط به لتعطيه منظرًا شامخ مُخيف فارضًا أحترامه رُغم كُل ما قيل في الماضي وما يُقال الأن وما سيُقال مُستقبلًا : أحفاد سُهيل بعيدين كُل البعد عن التصغير الذي تهرج به يا شيخ ، وحفيدي رهيّب كلمته من كلمتي ! وين شهامتكم الذي تتمارون بِها ؟ قاطعين طريق يا طوله وجايين من قريتكم لمجلسي وقُعر داري عشان تقللون من قيمتي وقيمة أولادي وأحفادي ! ولاّ أنتوا ما أخذتوا من قريتكم غير أسمها وأفعالكم في الحضيّض ؟؟؟
- يقف شيخ قرية الشهامه يتصبب من جبينه العرق من هذه الإهانه الفادحه في تواجد أغلب الشيوخ وقدام أهالي القُرى الذي يضج مجلس سُهيل بتواجدهم فيه ، ولأنه يعلم في قرارة نفسه أنه ليس من السهل بتاتًا مواجهة سُهيل شيخ قرية الضبّاع ! وكأنهم يتشكلون على هيئة ضبّاع فعلًا لينهشون كرامة كُل شخص تسوله نفسه على تجاوز الخطوط الحمراء لهذه القريه وعائله هزاع بالتحديد ! لتحتقن الدماء في وجه الشيخ خارجًا من المجلس بل من دار هزاع بالكامل ، فيتبعه أهالي قريته ثم أهالي قرية الضبّاع وليخلى منهم مجلس سُهيل خلال ثوانٍ معدوده .

- لحظاتٍ خاطفه من الصمت المُميت ! بالرُغم من الضجيج الداخلي التي أفترش صدور رجال آل هزاع بكُل كرم ...
ليتمنى رهيّب لو كان يمتلك قوةٍ خارقه يخترق بها عقول أهل القُرى وشيوخهم فردًا فردًا ويمحي مِنها الماضي وكُل ما يتعلق به ، او أن يقطع السنتهم كي يصبحون جميعهم بُكماء خُرساء ! او ياليته يستطيع أن يتحول إلى أشرس قط على وجه البسيطه ليقتلع عينان كُل من سولت لهُ نفسه أن ينظر إلى جده سُهيل نظرة إستصغار وأحتقار ! ولأن رهيّب يستشعر جيدًا النار المُدمره التى تعثو الأن فسادًا بصدر جده وبُخار إحتراقه التي يتصاعد منه بلا هواده ! رُغم هيئته الوقّوره التي يتوارى خلفها ولكن قبضة كفه اليمين التي أستقرت بِها التجاعيد بشكلًا كبير يقبض بِها على رأس العصا الأسود بقوه كادّ أن يذوب الخشب بين اصابعه التي أبيضت من شدة ضغطه عليها !

ومن بين مئات الأُمنيات وزوبعة مشاعره المُهلكه وأفكاره الجنونيه وقف رهيّب مُتحفزًا بهيئته الرجوليه الضخمه ليستأذن من جده خارجًا من المجلس ، ليتبعهُ راكان الأخ ، وفارس الصديق ، وشهاب أبن العمه .. تاركين خلفهم الصرّح العظيّم الذي يترأس صدر المجلس وأبَى أن ينهد أمام مرئى أنظارهم او أن يهتز حتى طرف ثوبه !
~
~
~
- وفي وسط الفناء الوسيع تقفز الأعيُن مُستنكره وتبدو إمارات عدم التصديق على ملامح الجميع ! تنفغر أفواههم ويقفون مشدوهين ..
يالله هذهِ الضحكه المُجلجله تخُص من ؟
هذهِ الملامح المُنفرجه والثغر المُبتسم تعود للصخر الحجري ؟
تعود لصاحب الحاجبان المعقودان والنظرات القاتمه ؟ يُستحيل !
ليش من متى تعلم رهيّب هزاع أن يضحك او حتى أن تتجعد أطراف خدوده بسبب أبتسامه !
ليقتربون جميعًا بضع خطوات ناحيه البوابة الحمراء المفتوحه على مصراعيها يتأكدون من شكوكهم المُستحيله ، وعندما وقعت أنظارهم على " الجسد الصغير" والذي يكاد لا يُرى من ضآلة حجمه ، يتخبى بين أحضان رهيّب وصوت ضحكاته الطفوليه ينساب كترنيمه رقيّقه يرفرف لها القلبّ ..
لترتخي ملامحهم المشدوهه عندما استطاعوا معرفة هذا الكائن الذي تسبب بضحكة رهيّب والأستولاء على حُضنه ، ليحملها بين ذراعيه ويقف بطوله الفارع يلتف ليرى تجمهرهم الفضولي أمامه .. ليقول شهاب بنبره حانقه : تاجّ ! ليه تُحضنين رهيّب قبلي ؟ مين أخوك أنا ولا هو ؟

" أُمطري على الهجر ليّن ينبُت وصّال "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن