- البارت الـ١٧ .. الجزء الثاني :

83 5 0
                                    


- في بيت عساف :
- كان صدى ضحكاتهن العاليه وصخب أحاديثهن المتنوعه قد بدد كُل ضيق في صدورهن إلى إنشراح ، يتجمعن في غرفة ودّ يجلسن على الأرض جنبًا إلى جنب بشكلًا دائري أمامهن صحن الفطور الكبير والذي قد كان يحوي في جوفه عدة أشكال من الجبن والزيتون الأسود والعسل وبنت الصحن لتأخذ ترفّ العديد من حبات الزيتون تقول بضحكه عابثه : أمسكوني قبل أخلص عليكم الزيتون كُله ، نُقطة ضعفي هذا .
- لتنظر وهج بملامح ريتاجّ والتكشيرة الوسيعه الذي قد أرتسمت على ملامحها عندما أستطردت قائلة بتخمين : لاحظتوا الذي لاحظته ؟ واضح أن ريتاجّ العكس تمامًا .
- لتضرب ترف أُختها ضربه خفيفه على ظهرها : فضحتينا فضحتينا وش هالتكشيره حتى ببيت الناس ؟ من يوم كنا صغار وأنا أحاول أقنعك تحبيه ، لو أنها فطائر زعتر كان أكلتيها كُلها .
- لتقلب ريتاجّ عيناها بسأم وهي تقول برفعة حاجب : مين الذي فضح مين ؟ على الأقل أنا ساكته وأأكل بأدب ، مو مثلك حاشره ١٠ حبات زيتون في فمك مره وحده .
- لتتجه أنظارهن جميعًا ناحية ترف التي أستوعبت الموقف لترمي ال٥ الحبات الزيتون في الصحن والذي قد كانت أحتجزتهم في كفها لتقول بإحراج مُصطنع : أعذروا شهيتي المفتوحه زيادة عن اللزوم .
- لتعلى صوت ضحكاتهُن مُجددًا عندما أخذت ودّ صحن الزيتون كاملًا وهي تضعه أمام ترف : هناء وعافيه ما من إحراج البيت بيتك وكُلنا خواتك .
- لتقابلها ترف بأبتسامه أمتنان وهي تقف بسرعه من جنب أُختها وتجلس بجانب ودّ وتحتضن ذراعها : إستبدال الخوات مسموح في الحياه ؟ أنا ودّي أتبرع لكم بأُختي وأصير أُخت هاللطيفه الكريمه الحنونه .
- رمقتها ريتاجّ بنظرة وعيّد وهي تمد كفها اليمين إلى رزان وكفها الشمال إلى وهج لتتشابك كفوفهن وترفعها عاليًا بنصر : كُل ملابسي الذي في دولابك ترجعيها اول ما نوصل البيت ، ومكياجي الذي عندك ينمسح ويرجع لي نظيف يلمع ، ويُفضل تنتقلي للعيش هِنا لأنيّ ناويه أأخذ وهجّ تعيش معي ، اي صح رمضان على الأبواب وأنا ورزانّ ووهج بنكون كُل عصريه نلف السمبوسه ونوحد الدُعاء بأن الزيتون ينقرض عشان مره ثانيه تتعلمي ماعاد تبيعيني بسببه .
- لم يستطعن كبح ضحكاتهن أكثر لتغص ترف بحبة الزيتون الذي كانت تمضغها وتكح بطريقه مُخيفه حتى أن ملامِحها قد أحتقنت بالأحمرار أثر الكحه الشديده ، لتقف ريتاجّ بسرعة البرق وهي تجلس بجانب أُختها تمد لها كأس الماء وتقول بخوف حقيقي : ترف ياروحي أمزح معك ، والله كنت أمزح ، بسم الله عليك ، أنا أسفه تكفين أشربي مويه خُذي نفس .
- ولكن المُخيف حقًا أن ترف لم تستجيب لكُل تلك التوسلات ووضعها قد ساء جدًا حتى كادت أنفاسُها أن تنقطع إلى الأبد فحبة الزيتون قد بلعتها بطريقة خاطئه بسبب الكحه الشديده التي زادت الوضع سوء ، ليزور الهلع قلوبهن جميعًا فتحاول ودّ أنقاذها وهي تضربها بخفة خلف ضهرها لعّل هذه الحركه تستطيع مُساعدها ولكن باءت محاولتها بالفشل إيضًا ، لتقاطعهن ريتاجّ بذعر شديد والدمع قد بان في لمعة عينيها بالرُغم أنهُ أبى النزول كالعاده ! : ترف تكفين لا تخوفيني عليك ، ترف لا تتركيني ، أصلًا مو مسموح لكِ تتركيني تفهمين !
وعندما رأت أُختها لم تصغي بتاتًا لكُل تلك الكلمات تصرخ بشهقه باكيه مكتومه وهي تحتضن رأسها وكأنها دون وعي دون إدراك أن هذا شيء طبيعي قد يصيب الأغلبيه لحظاتٍ معدوده ثم يتحسن : ترررف مايكفي صرنا ٤ أشخاص بعد ماكنا ٥ ! مايكفي مجيّد راح وخلانّا !
لم يكن خوفها منطقيًا بعض الشيء ، ولكن الأكيد أن صدمتها العُظمى بفُقدان والدها لم تستطيع تخطيها حتى الأن ! أصبح كُل أحتمال بسيط يهددها بفُقدان أحدهم تخافه بشده .. أصبحت تنظر لكُل أحبابها بعدم أمان من هذه الحياه التي ليس لها ضمان مُطلقًا !
تتسلح بالجسّاره وتلقي الضحكات المُصطنعه هُنا وهُناك ولكن في زاوية عميقه جدًا بداخلها تجعل الخوف أول فكره تتبادر إلى ذِهنها في هذه المواقف
يالله " كيف نستمر في المضي قدمًا في حياتنا بعد أن فقدنا شخصًا عزيزًا ؟ كيف نستطيع بناء حياه تستحق أن تُعاش ؟ "

" أُمطري على الهجر ليّن ينبُت وصّال "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن