- تجمع الناس من جميع الجهات هناك من خرج من دار هزاع مذعورًا وهناك من جن جنونه وتصاعد بشكلًا مُهلك تُبرز أوداج عنقه وتحمر عيناه وجسده ينتفض بصدرًا يعلو ويهبط من فرط الوجع الذي سكن في خلاياه وهو ينظر إلى هذا المشهد المأساوي ليصرخ بصوتٍ هز أعماق كُل من حوله : تااااااجّ !
ومن شدة سرعته وركضه المتواصل حتى كادت أنفاسه أن تنقطع ليتصدى لسقوط تاجّ والتي قذفت بِها المرأه الخاطفه عندما شعرت بحتمية الموقف والكارثه التي أقحمت ذاتها بِها وهي تفتح الباب الخلفي من الجهة اليسار وترمي بتاجّ على الأرض دون أدنى رحمه او شفقه
- ليحتضنها رهيّب قبل أن يلامس جسدها الصغير الأرض يلف ذراعية حولها بكُل قوة ليسقط على ظهره وتاجّ بين أحضانه صوت نشيجها الطفولي يمزق نياط قلبه ، فيمسح على شعرها برفق كمحاوله لتهدئتها ويقول : تاجّي لا تبكين لا تخافين أنا معك .. بابا رهيّب معك
عدّت يروحي عدّت !
- ومن بين شهقاتها وهي تتخبئ بين ذراعيه نطقت بأحرف مُتلكأه ترتجف : ماما يارهيّب أنقذها مثل ما أنقذتني .
تزامنًا مع اللحظة التي وصل شهاب إلى جهة اليمين متمسكًا بوالدته عندما ضربتها الخاطفه بشيءٍ حاد على أطراف أصابعها لتتهاوى شموخ على الأرض وتقفل المرأه باب السيارة تحث من يقودها بالهرب فينطلق بأقصى سرعته حتى تصاعد الغبار في المكان يرعبهم صوت التفحيط أثر أحتكاك عجلات السيارة بخشونة التراب
- تسلل الإستيعاب إلى رأسه دفعةٍ واحده وهو ينظر مباشرًا إلى الجهه الأخرى فيرى أبن عمته يتمسك بوالدته التي سقط جسدها على الأرض عندما أنتهت مقاومتها تئن بألم شديد يحتضنها بذعر ويذرف دموعه التي بللت شنبه باكيًا كطفلٍ لم يتجاوز الخامسة من عمره : يُمه أنا أسف سامحيني كُل هذا بسببي
وسرعان ما أنتزع ثوبه من فوق جسده وهو يلفه على ساقها كأسعاف أولي فيبدو أن الوضع سيئ لدرجة قد يفوق الكسور بمراحل !
ثم يمسح بكفية المرتجفه التراب من وجه والدته وهو يُقبل جبينها لمراتٍ لا تُحصى ولا تُعد ويستر جسدها عن الأنظار وهو يشدد عباءتها بأحكام يدور حولها تارةٍ يمسح عليها التراب من هنا وتارةٍ يغطيها من هنا يمدد ساقيها يُقبلها فوق ركبتيها رافعًا رأسه إلى السماء يصرخ بعجز يفتت القلوب : يالله يارب رحمتك .
وعندما أرادت شموخ أن تطمئنه ولو بحرفًا واحد نفذت مقاومتها فيغشى عليها بوعيٍ منعدم تمامًا !- فيصرخ الآخر الذي وقف ومازال يحمل تاجّ في حضنه : شهاب طمني عمتي بخير ؟؟؟
- لم يكُن يملك ولو فُتات طاقه ليجيبه وإنما أكتفى بإيماءه بسيطه عندما رأى أُخته تهتز بين احضان رهيّب كورقة خريف
يالله اي عجزًا هذا ؟
اي أختبار أُمتحن بِه في أسعد ايامه !
مسح شهاب دموعه سريعًا يزفر آهٍ مكلومه غادرت رئتيه ينظر للفراغ التي غادرت منه سيارة الخاطف وكأنهُ عاجز عن الحركه او أختيار التصرف المناسب مصدوم دون حيله عاجز حتى عن إيقاف سيل دموعه التي أحرقت عيناه تزامنًا مع اللحظة التي وقف بِها فارس أمام دار هزاع يقود سيارة رهيّب الددسن بعد أن كان شاهدًا على كُل ماحدث ولكن لابُد لأحدٍ منهم ان يتمسك برُشدة وصحة عقله فليس منطقيًا أن يصبح الجميع مجانين في موقفٍ حرج كهذا لذا دون ادنى تفكير قبل دقائق معدوده اقترب من صديقه وهو يلتقط مفاتيح سيارته من جيبه ويأتي بالسيارة إليهم يترجل مِنها بسرعه فائقه وهو يحمل الجزء العلوي من جسد شموخ و يهتف بألم خفي : شهاب صلِ على النبي هذا مو وقت العجز خلّنا نسعف أُمك لأجل نتطمن عليها .
- لم يكن صوت فارس كافيًا لإيقاظه من شروده الحزين حتى أقترب منه رهيّب يضع كفه على كتف شهاب يحثه على التحلي بالقوه قائلًا : شهاب عهدٍ عليَّ ما أترك الفاعل ينفذ بفعلته .. اقسم بالله العظيم لأجيبه لين عندك تكسر عظامه عظمه عظمه ، والله مايرتاح لي قلب لين أأخذ روحه وتكون هذي أخر انفاسه بالحياه .
- هز شهاب رأسه برجفه حقيقيه يستوعب الكارثه التي يعيشها الأن وسُرعان ما وقف يلتقط جسد والدته بين ذراعيه يحملها إلى السياره وضبابية دموعه تُعيق عليه الرؤية بوضوح وهو يهمس : أنا أسف يُمه أنا أسف يروحي .. يارب لُطفك يالله .
- لحق بِه فارس الذي تولى مهمة القياده .. و رهيّب يجلس في المقعد الذي بجانب السائق يشتعل جوفه تحترق أعصابه والمشهد يتكرر في ذاكرته فيستشعر أحتضان تاجّ له تُمرغ وجهها في صدره وتثني جسدها الصغير بين أحضانه تبكي بخوف : بابا رهيّب ماما وش فيها ؟ ليه عيونها مغمضه ليه ما تفتحها ؟ يعني بتموت ؟ بتتركني هي كمان مثل بابا ؟
- أحتوى كفوفها الصغيره وهو يرفعها إلى ثغره ويُقبلها بحنان رُغم تلك العواصف الرعديه التي تُقام الأن في جوفه أستطاع تمالُك أعصابه لأجل تاجّ فقط فيقول : لا ياروحي لا تخافين ماما بخير بس هي تعبانه شوي ولازم تنام ..
- وبصعوبه مال طرف ثغره بأبتسامه باهته وهو يضرب على وجنتيها برفق : رايحين للدكتور لأجل يشوف الماما ويطمنا عليها ، وكمان لأجل يشوف جروح يدك لأنك طحتِ على التراب ، أنا معك ..كُلنا معك وبنرجع البيت سوى أهم شيء أنتِ لاعاد تبكين أتفقنا يا تاجّ ؟
أنت تقرأ
" أُمطري على الهجر ليّن ينبُت وصّال "
Mystery / Thrillerمن علم إيديك تصبح للمُهاجر بلد ؟ الشمس والليّل وأكواب المساء تحتريك وعلى مدار السنه ما ينتظرني أحد !