- البارت الـ٢٢ .. الجزء الثاني :

63 4 0
                                    

- ٦ رمضان ، يوم الجمعه :
- خرج من صلاة الجمعه يمشي بخطوات هادئه وهو مشغول بتنزيل أكمام ثوبه المرفوعه إلى مرفقيه والتي ثناها إلى عدة مُنعطفات حين توضى ، ليتذكر الطلب التي طلبته خالته شموخ منه فتتسع خطواته قاصدًا الوجهه المحدده لتلبية طلبها .. وحين وصل إلى أمام تلك الديار رأى بابها مواربًا ليزيحه بكفه حتى أتسعت فتحة الباب ليولّج إلى الداخل بحذر يُراقب بعينيه الفناء الفارغ وقبل أن يطرق باب منزل عساف بالتحديد سمع حشرجه أصوات تأتي من الجهه الخلفيه للفناء ، وبدون أدنى تردد قادتهُ قدماه إلى هُناك وهو يرى تاجّ تجلس على الأرض تحاول زرع شيءٍ ما بتلك التربه التي قد ألتصقت على بنطلونها الأبيض وقميصها الملون بعدة ألوان عشوائيه ترفع شعرها القصير والتي قد أنقسم إلى جديلتين متساويه ثم رفعت كُل جديله إلى الأعلى وأثنتها بشكلٍ دائري حتى أصبحت كعكتين صغيرتان

أبتسم أَوس أبتسامه عريضه وهو يراها بهذا الشكل الطفولي البحتّ فلقد أتى إلى هُنا ليأخذها بطلب من والدتها شموخ ، فتاجّ قد باتت ليلتان كامله هُنا حين أغراها فارس بوجود أرجوحه في فناء منزلهم ، وعدد لها الكثير من المُغريات الأخرى ثم أخذ أذنًا من رهيّب وشموخ ليوافقون بذهابها معه
- أقترب أَوس مُناديًا بأسمها : تـــ .........
ولكن حروفه أنقطعت قبل أن تُغادر حلقه ! وهو يرى تلك الأُنثى التي ظهر جسدها من خلف الأرجوحه تذهب بأتجاه تاجّ وتحتجز بين كفيها حُفنه لا بأس بِها من التراب ، ترتدي روب وسيع مع تلك الطرحه التابعه له والتي كانت تُغطي بِها شعرها ولم تكتفي بهذا القدر فحسب ! بل وضعت شالًا آخر فوق رأسها حتى تستطيع تغطية بعضًا من ملامحها وهي تلفه بطريقة عشوائيه على أطراف وجهها ، لتبدو بمظهر - السارق المُلثم ! - ولكن تلك السارق كان لطيّف بطريقه مُربكه !

مهلًا ! لما رأسها كبير إلى هذه الدرجه ؟
أيضًا يوجد فوق عينها اليسار شامه ! هل أتضحت الرؤيه يا أَوس ؟
هل علمت من تكون ؟
بالأصل كيف نسى لمن تعود تسريحة الشعر على شكل كعكه ؟ والتي قامت اليوم بتطبيقها على شعرها وشعر تاجّ أيضًا !
لم يُصادف من قبل على أرض الواقع أُنثى تقوم بتسريحة شعرها بتلك الطريقه سوى إبنة عساف إليس كذلك ؟
أنها " ودّ " تلك الأسم الألطف التي سمع أُخته تناديها به ذاك اليوم المُمطر
تلك الأسم الأرقّ والأحنّ من بين جميع كُل أسماء فتيات العالم
بل أقصر أسم قد مّر على مسامعه ، غريب ولكنهُ كلحنٍ دافئ .. أسمًا من حرفان فقط يكمن في جوفهما عذوبّة العالمين أجمع .

- جلست ودّ أمام تاجّ وهي ترمي تلك التراب في مكانٍ مُعين و تأخذ قارورة الماء وتسقيه إلى حدٍ ما ، ثم تمسح كفوفها بطرف الروب وكأنها لا تختلف عن عبثية تاجّ وشغبها .. ولا تهتم لملابسها التي ألتصق التراب عليهما وكفيها التي تمردغت في عجين التربة والماء ! حتى سمعها تقول بأنتصار هائل رُغم واقعية إنتصارها الضئيل : خلاص كذا يُعتبر خلصنا يا تاجّ ، زرعنا البابونج باقي بس كُل يوم نسقيه شوي مويه عشان ينبت ويكبر .
- لتُقاطعها تاجّ بحماس لا يقل عنها : واذا كبر وش نسوي فيه يا ودّ ؟
- كثير أشياء ، نشربه مثل الشاهي .. نستخدمه زيت ونسوي منه مساجّ .. نغليه مع مويه ونعتبره كأنه مضمضه للفم
- لتكمل بتعدد مُميزاته وفوائده وكأنها أصبحت سفيره الدفاع عن أزهار البابونج ! : إيش رأيك أأخذه أنا وأنتِ ونبيعه للأطفال الذي فيهم مغص وإسهال ، واي أحد من الكبار بطنه تعوره او معدته تعبانه نخليه يشربه ، والذي عنده جروح نحط البابونج فوقها عشان تشفى بسرعه .
- تسلل العبوس إلى ملامح تاجّ بغرابه لم تفهمها ودّ لتسألها قائله : ليه زعلتِ يا تاجّ ؟
- رفعت أكتافها الصغيره بحنقّ طفولي : الحين أنا كيف أصير بابونج ؟ كم فائده عنده وأنا ما عندي ولا فائده ؟
- تفجر صوتها ضاحكًا حتى أنها حاولت كتم تعابير ملامحها كي لا تزعل تاجّ ولكنها عجزت ، وبعد عدة دقائق كتمت ماتبقى من ضحكتها قائله : أساسًا أنتِ والبابونج صرتوا أصحاب ، والأصحاب يتشاركون مُميزات بعض ، صح هو ما يعرف يتكلم بس بيساعدك بأشياء كثير ، تدرين أنا بإيش يساعدني ؟
- اومأت تاجّ برأسها سلبًا كدليل على عدم معرفتها ، لتوضح لها ودّ قائله : أشربه قبل النوم لأنه يعزز راحتي ويساعدني أنام بعُمق .
حتى أحب اشربه في النهار هو صديقي من زمان ، بس أصبري خليني اسأله اذا عادي تصيرين حتى أنتِ صديقتنا ولالا - لتقترب برأسها من تربة البابونج المزروع تسأله بطريقه مُضحكه وكأنهُ حقًا سيتحدث ! -

" أُمطري على الهجر ليّن ينبُت وصّال "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن